ديوان معجم المقامات – محمد جعفر
وددت لو كتبت هذه التجربة (العامية) بعد عشر سنوات مثلًا كي أعطيها حقها.. ولكنها؛ رغم تأخرها في النشر لثلاث سنوات مضت إلا أنني فضلت ذبحها على باب “التجريب”… ووجدت أن ذلك هو الميقات المناسب لتواجدها بين قصيدة “أراها” تتماهى مع ما وصلت إليه العامية المصرية من كتابات راصدة وتعبيرية لا تتخذ موقفًا محددا من نفسها ولا من أختها الفصيحة فتنقذ إحداهما الأخرى من الانخراط في العادي واليومي ولا النزعة الغرائبية التي ظنها البعض تجديدًا.. فالتجديد لا يأتي دفعةً واحدة بل ما هو إلا إرهاصات تتراكم لتكوّن قصيدة واعية في زمن فاقد الوعي!
– وعن بناء العمل فآثرت أن يتسق دلالةً ولغةً وغايةً مع اسمه (معجم المقامات) فعلى صراط أو وتر (العجم والصبا والحجاز والسيكاه والنهاوند والبياتي والكرد والراست) مشت ( روحي وعشقي ووجدي وجسدي وناسي وشعري وغنائي وشجني) غير عابئ بدلالة ووقع التعريف الأكاديمي للمقام؛ كي يطرب لها مستمع ويعي لها قارئ.. بلغة وسيطة (غير فسيفسائية) تطمح أن تكون “غجرية” كالموسيقى يفهمها ويشعر بحالتها من سمعها على اختلاف لهجته وخلفياته الثقافية؛ محاولًا مغازلة العمودي والتفعيلة والنثر والموال والمربع على بحور شعرية بعضها مهجور وآخر يصعب حقنه بالشاعرية لصخبه وسرعته.
وما بين (المعجم/ اللغة) و (المقامات / الإيقاع) حاولت أن تخرج مجموعتي الأولى بشكل إن لم يكن جديدًا فهو بالأحرى يسعى وراء ذلك.. إيمانًا مني بأن (اللغة/ الوعاء) حتى وإن لم تتخل عن شعبيتها قادرة على شق طريق للعامية المصرية لتكون على قدر ما أراها ترهص إليه من صدارة بعكس (اللغة/ الأداة) التي أفرغتها من مضمونها ودورها فارتضت لنفسها مرتبة الرديف لا الفارس.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب