رواية ألغاز منتصف الصيف – أجاثا كريستي
لم يكن السيد ساترثويت يعلم يقينًا ما الذي يحمله على الاحتفاظ بعلاقته بالسيد والسيدة دنمان، فهما لا يشبهانه في شيء؛ إنهما لا ينتميان من حيث الجذور إلى العالم المتقدم، ولا ينتميان إلى الأوساط الفنية المثيرة للاهتمام، بل كانا ماديا النزعة، وكانا فوق ذلك شخصين مملين بليدين حقًّا. فأول مرة التقى السيد ساترثويت بهما كانت في بلدة بياريتز الفرنسية، وقد قبل دعوتهما إياه للبقاء معهما، ثم ذهب إليهما وأصابه الملل، ومن الغريب أنه استمر في الذهاب إليهما مع ذلك.
لماذا؟ كان يسأل نفسه هذا السؤال في ذلك اليوم الموافق الواحد والعشرين من شهر يونيو، وهو ينطلق مسرعًا خارج لندن بسيارته الرولز رويس.
كان جون دنمان رجلًا في الأربعين من عمره، صارمًا ويعتمد عليه، كما كان حسن السمعة في عالم الأعمال. ولم يكن أصدقاؤه هم أصدقاء السيد ساترثويت، وكذلك لم تكن أفكار كل منهما تشبه أفكار الآخر. كما كان رجلًا ماهرًا حقًّا فيما يفعله، لكنه فيما عدا ذلك كان يفتقر إلى الخيال.
لم أفعل هذا؟ طرح السيد ساترثويت هذا السؤال على نفسه مرارًا – والإجابة الوحيدة المحتملة بدت له غامضة للغاية، وسخيفة بطبيعتها؛ لذلك تجاهلها. لأن السبب الوحيد الذي كان منطقيًّا لاستمرار هذه العلاقة هو أن إحدى غرف المنزل (ذلك المنزل المريح المترف) أثارت فضوله، وكانت هذه الغرفة هي غرفة جلوس السيدة دنمان.
كانت الغرفة تعبر بالكاد عن شخصية صاحبتها؛ لأنها – بقدر ما أمكن للسيد ساترثويت الحكم عليها – ليست لديها شخصية على الإطلاق. إنه لم يقابل في حياته قط امرأة مثلها بلا أية سمات مميزة. لقد كانت، على حد علمه، روسية المولد. وكان جون دنمان قد ذهب إلى روسيا مع اندلاع الحرب الأوروبية، وحارب مع القوات الروسية، وقد نجا بحياته بصعوبة مع اندلاع الثورة هناك، ثم جلب معه عند عودته فتاته الروسية، التي لم تكن أكثر من لاجئة مفلسة، وعلى الرغم من معارضة والديه الشديدة تزوجها.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب