رواية إغواء يوسف – عمرو العادلي
سارت الليلة في الطريق الذي رسمه خيالي، أحاسيس متوهجة تميل للنشوة، بين تلاوات الشيخ وتهليلات الحاضرين، بين الاستراحات لعب الدراويش دورهم بمنتهى الإخلاص، كانوا يطوفون برؤوسهم وبين أياديهم الدفوف البيضاء، أقدامهم ثابتة، تحفر مكانها بقوة في الأرض، أمّا خيالهم فسارح في الملكوت، يندمجون برغبة فيما يفعلون، أوصلتهم حركاتهم قرب نهاية الليلة لما يشبه الغيبوبة، تهتز عمائمهم على رؤوسهم، فلا يبالون، تقع، يدوسون عليها، فلا يشعرون، يختلط بموجاتهم بعض الأقارب والجيران، ينضمون للصف، منهم من يصل لنفس الحالة ومنهم من ينتظر، أصبحوا كنسيج في ثوبٍ واحد، يستمعون لأصوات ربما هم أنفسهم لا يعرفون لها مصدرًا، غامت نظرات الدراويش، اختلط بياض العيون بسوادها، لا يرون شيئا، كل ما يحرصون عليه هو تماسك أقدامهم عند ذات النقطة، يحركون كفوف أرجلهم في اتجاه جذوعهم، والكعوب ثابتة، يتمايلون كموجة تائهة في بحر، لا تعرف على وجه الدقة أين ستهدأ أو تستقر.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب