رواية التوأمتان – تيسا د لو
حين صدرت «التوأمتان» سنة 1993، كان قد مر على نهاية الحرب العالمية الثانية ما يقارب خمسة عقود، وكانت أوروبا ما تزال تعيش بشكل أو بآخر صدمة تلك الحرب وما نتج عنها، في ظل إجماع على تحميل ألمانيا وشعبها الثقل الأخلاقي، والمسؤولية عن مآلات هذه الحرب. وقد لبست ألمانيا هذا الدور، خاصة أنها كانت الجهة المهزومة، في الوقت الذي صاغت فيه بقية الدول الأوروبية روايتها، التي ظهرت فيها بريئة من هذه الكارثة براءة الذئب من دم يوسف.
وقد تكون هذه الصيغة المتفق عليها، شكلًا فريدًا في التاريخ، الذي لطالما رُويت فيه الحروب من وجهتي نظر على الأقل. في مثل هذا الجو من الإجماع الأخلاقي والتاريخي، أتت رواية «التوأمتان»، مثل حجر رمي في مياه السردية الأوروبية؛ حيث أفسحت تيسا د لو في روايتها مساحة لتصوير الظروف التي صعدت فيها النازية وتصدرَ فيها هتلر المشهد السياسي الألماني، وآثار تلك الحقبة والحرب على المجتمع الألماني. لقد روت تيسا د لو حكايتها بحس أخلاقي عال، وبنظرة نقدية ابتعدت عن أية محاباة، وتجرأت على الثوابت: أن ترى عدوك من زاوية أخرى، غير الزاوية التي سعت كل القنوات إلى فرضها على من يريد أن ينظر إلى الماضي.
ولقد أثار إصدار الرواية ردود فعل عنيفة لدى المراجعين والنقاد في بلدها، واتهمها البعض بخيانة وطنها، حين أتاحت للألماني – العدوّ الذي احتل هولندا، وأذلّ شعبها، وأباد اليهود – مساحةً ليُسمِع صوتَه ومعاناته، ويظهر كضحية للنازية هو الآخر.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب