رواية الحرب التي أحرقت تولستوي – زينب السعود
لعلّ أحد أسرار هذه الرواية وتأثيرها العميق في نفس القارئ يكمن في عنوانها الذّكي.. عنوان مُرَمَّز، مُثير للخيال والحدس، ومُحَرِّض على فتنة التفكير.
تولستوي الذي ناهضَ الحرب – وهو حيّ – في رائعته «الحرب والسّلام»، تحوّل جسده (نصّه) بعد أكثر من مئة عام على موته إلى نارٍ يسري دفئها في أوصال الأجساد المقرورة التي أنهكتها الحرب وأذلّها الجوع والخوف. تولستوي الروسي العظيم، صانع الحياة وصديق الإنسان، يقف في هذه الرواية وجهًا لوجه أمام روسي آخر عدوٍّ للعشب والنّدى، يصنع الموت والأحزان والمجازر.
تكسر الكاتبة في هذا العمل الصورة النمطية للصحافي المكتبي الحيادي، وتُلقي ببطلها في لجّة الحدث السّاخن، وتمنحه عينًا راصدة لا تكتفي بالنظر ومشاهدة مآسي الآخرين، بل توقظ في أعماقه الإنسان، فيجد نفسه أسيرَ شبكة اجتماعية وإنسانيّة مُعقَّدة، فإذا به يتحول من بطل روائي متَخيَّل إلى بطل واقعي من لحم ودم ومشاعر.
رواية محاذية / موازية تعايش تجربة الحرب، وتدخل في أهوالها الفاجعة وسطوة آثارها على البشر والحجر، وتحكي مصائر التائهين الذين انقطعت بهم السُّبل في بلاد بعيدة لم تعد تسيطر عليها سوى لغة الدم والنار والسلاح.
ويبقى الحدث مفتوحًا – رغم فظاعة الألم – على ضوء من الحبّ والتعاطف الإنساني النبيل في مشهد ما يزال مفتوحًا على المجهول.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب