رواية الرجل اللامرئي – رالف إليسون
أنا إنسانٌ غير مرئيّ. كلا، لستُ شبحاً من تلك الأشباح التي تسكن إدغار ألن بو؛ ولستُ أحد تشكيلاتك السينمائية الهوليووديّة الهلاميّة. أنا إنسان ملموس، من لحم وعِظام، وأنسجة وسوائل – ويمكن القول أيضاً إنني أمتلك عقلاً. أنا غير مرئيّ، أتفهم، لمجرد أنَّ الناس يرفضون أنْ يروني.
وكالرؤوس التي بلا أجساد التي تراها أحياناً في العروض الثانوية في السيرك، أبدو كأنني مُحاط بمرايا من زجاج قاسٍ، مُشوِّه. عندما يقتربون مني لا يرون إلا ما يُحيط بي، أي أنفسهم، أو قِطعاً من مخيلتهم – في الحقيقة أنهم يرون كل شيء وأيّ شيء إلا أنا. وكوني غير مرئيّ لا يعود بالضبط إلى حادث كيميائي حيوي وقع لبشرتي. إنَّ هذا النوع من الاختفاء الذي أُشير إليه يحدث بسبب حَوَلٍ من نوعٍ معيَّن يحدث لعيون الذين أتصل بهم.
إنها مسألة تتعلّق بتكوين عيونهم الداخليّة، تلك العيون التي ينظرون بها من خلال عيونهم الماديّة إلى الواقع. أنا لا أتذمَّر، ولا أحتجّ. فمن التميُّز ألا تكون مرئياً، على الرغم من أنه يُرهِق الأعصاب. ودائماً ما يرتطم بك أصحاب النظر الضعيف أيضاً. أو ينتابك الشك أيضاً في أنك موجود حقاً. تتساءل ما إذا كنتَ مجرد شبح في أذهان الآخرين. فلنقُل، شكلاً في كابوس يُحاول النائم بكل قِواه أنْ يُدمره. عندما تشعر هكذا، بدافع الاستياء، تبدأ ترتطم بدورك بالناس. ودعني أعترف لك، أنك تشعر هكذا في أغلب الأحيان.
تتوجّع من شدّة الحاجة إلى إقناع نفسك بأنك موجود حقاً في العالم الواقعي، بأنك جزءٌ من كل الأصوات والآلام، وتضرب قبضتيّ يديك معاً، وتلعن وتسبّ لكي تجعلهم يرونك. ولكن للأسف، نادراً ما تنجح المحاولة. ربما تُعتبَر رواية «الرجل اللا مرئي» أشهر رواية تتناول وضع السود في أميركا؛ فهي لا تناقش فقط أوضاع السود الجائرة، بل الصراعات السياسية بين الأحزاب السوداء والقيادات المتنازعة والخيانات التي تتعرض لها قضية السود في أميركا أيضاً. صدرت الرواية عام 1952 ، وفي عام 1953 نالت الجائزة الوطنية للأدب. مؤلف الرواية رالف إليسون (1913 – 1994) روائي وناقد أدبي أميركي. رواية «الرجل اللا مرئي» هي أشهر إنتاج له. له مجموعات من المقالات الأدبية والسياسية كان ينشرها في النيويورك تايمز.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب