رواية السيد بالومار – إيتالو كالفينو
وُلد إيتالو كالفينو في 5 أكتوبر بـ «سانتياغو دي لاس فيغاس»، قرب هافانا. كان والده، ماريو، عالماً في النّبات ينتمي إلى عائلة عريقة أصيلة في مدينة «سان ريمو»، وبعد قضاء 20 سنة في المكسيك، ذهب إلى كوبا لإدارة محطّة تجريبيّة في النّبات ومدرسة فلاحيّة. وكانت أمّه، إيفا (إيفيلينا) ماميلي، من مدينة «ساسّري » [سردينيا] تعمل مساعدة جامعيّة في علم النبات في جامعة بافيا. «كانت أمّي صارمة، لا تلين، ولا تحيد عن أفكارها، سواء بخصوص الأشياء التافهة أم تلك الهامّة. أبي أيضاً كان صارماً عبوساً، ولكنّ صرامته كانت أكثر ضوضاء، وغضباً […] كانا شخصيّتيْن قويّتيْن جدّاً محدّدتي الملامح […] والطريقة الوحيدة المتبقية لطفلٍ كي لا يبقى تحت الوطأة […] هي أن يصنع لنفسه نظام دفاع. وهذا يقتضي أيضاً بعض الخسارة: كلّ المعرفة التي من المفروض أن ينقلها الوالدان إلى الأبناء في جانب منها تضيع .» «شوو! شوو! » – اندفع السيّد پالومار إلى الشرفة يطرد طيور الحمام التي تأكل أوراق الغزانيا، وتثقب بمناقيرها النباتات العصاريّة، وتتشبّث بمخالبها في فروع الجُريْس المتدلّية، وتأكل ثمرات العليق، وتنقر البقدونس المزروع في صندوق قرب المطبخ ورقة بعد ورقة، وتحفر وتخربش الأصص منتزعة منها التربة ومعرّية جذور النباتات، كما لو كانت الغاية الوحيدة من طيرانها هي تخريب كلّ شيء. الحمام الذي أبهج طيرانه يوماً ساحات المدينة خلَفته ذريّة فاسدة، قذرة وملوّثة، لا هي بالأليفة ولا هي بالبرّية، بل مندمِجة في المؤسّسات العموميّة، وبالتالي لا يُمكن إبادتها. سماء روما سقطت من زمان تحت سلطان الكثرة الطاغية لهذه الطيور، التي جعلت الحياة صعبة لجميع أنواع الطيور الأخرى في المنطقة، والتي تغزو مملكة الهواء الطليقة والمتنوّعة ببزاتها المتشابهة المنتوفة ذات اللون الرصاصيّ الرماديّ.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب