رواية الشظايا والفسيفساء – مؤنس الرزاز
“أيام العزلة كان “بطلنا” يرغب في الاعتكاف وممارسة الكسل. محارب يرغب في الراحة الباعثة على نشوة تشبه النعاس اللذيذ. كان يرش الحديقة الصغيرة بالماء. ويراقب وجهة المتقاعد وهو في عز الشباب. يرتعش ويقفز من مكانه مروعاً إذا دفع الهواء العنيف الباب فأطلق صوت قذيفة. يجلس ساعات ثقيلة وهو يدخن بشراهة طالباً السرطان المبكر. زعيم الخمسينات المنسي الذي تراكم عليه غبار فقدان الذاكرة، اتصل بأصحابه وناشدهم: أنقذوه… سوف ينتحر قريباً. عمّان بلا بحر. يطوف في شوارع جبل اللويبدة، يمد نظره كأنما يتمشى على شاطئ. يمد نظره كأنما يرغب في مشاهدة أفق البحر البعيد. يرتطم بصره بالبيوت القديمة. يقرر زيارة الأستاذ بهجت، المناضل العتيق، يتذكر الطوابق الأربعة التي يجب عليه أن يتسلقها كي يصل إلى شقة المناضل الذي يهبطها ويصعدها أربع مرات في اليوم… فيعدل عن الزيارة. الإنهاك يهده وهو في الأربعين من عمره. والأستاذ بهجت ينزل ويطلع كالمكوك من طابقه الرابع إلى شارع سينما الخيام إلى مطبعته الواقعة أمام مدرسة سمير الرفاعي… ثم يعود ماشياً… مشية تنمّ على رفضه العنيد لأي صيغة مصالحة مع عالم يتغير”.
في “الشظايا والفسيفساء” يتجه مؤنس الرزاز إلى استحضار قضايا وهموم سياسية تحيط بمن نذر نفسه لحزب فأصبحت مبادئه والتفاني فيها وفي ذاك الحزب همه الوحيد. يزج الروائي بأفكاره من خلال شخصية الرواية المحورية عبد الكريم المتقاعد ابن الأربعين الذي يجد نفسه وبعد صراعات حزبية، ومناقشات، ومناورات، وبعد عمر مديد، هو بفعاليته الحزبية أطول من عمره الحقيقي، يجد نفسه عبد الكريم متواصلاً مع فراغ، وهارباً إلى البعيد في محاولة لنفي نفسه والتوحد معها بعد إحباطاته في ميدان العمل الحزبي.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب
لمناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا