رواية الصانع – خورخي لويس بورخيس
في احدى حواراته يذكر بورخس ما يأتي : (( كان عند ابي مكتبة كبيرة و كان مسموحا لي بقراءة أي كتاب منها حتى تلك الكتب المحظورة على الاطفال في العادة . من ذلك مثلا كتاب (( الف ليلة و ليلة )) بترجمة بيرتن . قرأت الكتاب بكامله و هو كتاب اراه الان يزخر بالفواحش التي لم الاحظ ايا منها في ذلك الحين لان ما كان يهمني منها حينئذ هو سحر الف ليلة و ليلة . لقد استولى على ذلك السحر إلى حد انني قرأت البقية جميعا دون أن انتبه إلى ايه دلالة أخرى . و لكن مع مرور السنين ادركت الان انني في الحقيقة لم اغادر تلك المكتبة ابدا و مازلت اواصل قراءة الكتب التي فيها ))
فعلا لم يغادر بورخس تلك المكتبة قط فبعد أن صار كاتبا صار طموحه أن يعيد كتابة (( الف ليلة و ليلة )) ذلك الكتاب الذي يعني كتاب السرد الخالد أو كتاب الكتب الذي يشمل الثقافات كلها اللغات كلها و الزمن كله .
كان ابن عربي – و هو احد المفكرين العرب الذين عرفهم بورخس – يذهب إلى أن العالم كتاب تكويني مماثل للكتاب التنزيلي . كلاهما يتضمن رسالة من الله و لكن في حين نعرف ابجدية الثاني فإننا لا نعرف ابجدية الأول و قد نعرفها ذات يوم . بورخس يذهب إلى هذه الفكرة نفسها . العالم كتاب كبير كل ظاهرة مادية أو عقلية فيه ذات معنى كتاب بحروف لم نتوصل بعد إلى حل رموز شفرتها لكن جميع ما في العالم من أحداث و تواريخ و اشياء هي حروف ابجدية كتاب العالم . يقول شتاينر : (( أن للعالم من وجهة نظر بورخس – الذي يسميه اخرون : مكتبة – سمات عديدة ملحوظة فهو يضم الكتب جميعا ليس فقط تلك التي كانت في السابق بل كل صفحة في أي كتاب سيكتب في المستقبل بل يصح القول كل ما يمكن أن نتخيل كتابته . إن حروف أية ابجدية معروفة أو مفقودة يمكن اذا اعيد ترتيبها و ضمها أن تنتج أي فكرة انسانية يمكن تصورها و أي سطر في مقطع شعري أو نثري في اطار حدود الزمن فالمكتبة تنطوي أيضا
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب