رواية العاصي – سائد سلامة
“كان له اسم يشبه الحكاية”.
هكذا ختم سائد سلامة روايته “العاصي” التي سبقته الى الحُريّة ليضعنا وجهاً لوجه أمام بورتريه لرجل شجاع عاشق لأرضه ولوطنه ولحريته، كيف لا؟ ولا سيما أن الراوي يختصر البطل، فالاسم يشبه الحكاية، كونه هو الحكاية أيضاً.
سائد سلامة هو المقدسي ابن جبل المُكبّر، أحد الوجوه الثقافية والإبداعية والسياسية للحركة الأسيرة. أول أعماله مجموعة قصصية “عطر الإرادة”. أحد قادة الحركة الأسيرة، المناضل ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺍﻟﻤﺘﻌﺩﺩ ﺍﻟﻤﻭﺍﻫﺏ، الديناميكي ﺍﻟﻁﻤﻭﺡ ﺩائماً ﻭﺍﻟﻤﺘفائل أبداً، الخلوق جداً، المبدئي الذي لا يهادن، يقارع السجان بصلابة ويتحدى القيد ويتصدى للممارسات الفاشية كالحرمان من الزيارة والعزل الانفرادي الذي تعرض له غير مرة.
إنه الإنسان العاصي والسامي الذي جعل حياته مرتبطة بالحرية نفسها كشكل وأسلوب للحياة. فقرر أن يكون له صوت خاص في حياته، وأن يتعرف إلى نفسه في ما فعل وقال أو ظهر له من قبل مجتمعه، ردات الفعل التي صقلت عنده الثقة بالذات، فكانت سيرة العاصي ضد الانصياع، ترصد حركة تاريخ من خلال الجماعة ودورها وإزاحتها عن الفعل، ليعيد تنظيم علاقة الجسد بالمساحة والروح بالمكان، يمشي ويختفي، في ملاحقة شخصية وجماعية ممتدة من العصيان إلى خلف القضبان.
لذلك نجد أنفسنا أمام رواية حيّة، مفعمة بالحقائق المدهشة، وبتعابير وصور مدهشة ولغة رشيقة تتميز بكثافة وعمق المشاعر المشبعة بالحس الإنساني العميق، الذي جسّدتهُ في سرد لسيرة بطلها “ساري” الذي يحدث نفسه بالقول …
“العدالة ليست حدّاً بين كفيّن متساويتين بل هي وجهٌ واحد لا يرتكب الانتهاكات” ليعلن الاحتكاك المضاد ضد الاحتلال، والانحطاط والخضوع واللامبالاة وحالة الاستسلام والعجز الداخلي.
إنها بحق، سرديّة فعل الرفض، ضد السرديات القاتلة، سردية البحث عن الحياة والحب والأمل وإيجاد الذات وخلق النفس في حرب حامية الوطيس، لقتل الروح والمعنويات وتشويه القيم والسيطرة على الوعي وكسر الإرادة ووضع حدّ لها.
رواية تُشكل إضافة فائقة لأدب المقاومة، لتأخذ مكانها في صراع السرديات، صراع لا يخلو من النقائض، وإن كانت مهرّبة من السجن، لكنها تكتب أدب الحرية بتصرف وبأسئلتها الأعمق، وبجمالية فنية، تكرس سرديّة الضحيّة في وجه سرديّة الجلاد الاحلالية والمضادة.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب