رواية العدم – جمال ضاهر
العدم ليست رواية بالمعنى الفني للبناء الروائي المعتمد، بل هي رؤية ومقاربة لفلسفة العدم والتيه التي ترافق الإنسان منذ ولادته وحتى مماته، ساقها المؤلف بأسلوب مبتكر، فكان يحرك شخوصه كما لو أنهم في حلم، ينتقل بين الأزمنة والأمكنة!
“أيْن سيْرك”، سألتْه إحْداهن، زانية في الأرْبعين من عمْرها، مُمْتلئة الجسد والنهْدين كانتْ، نحيفة الوجْه وشفتاها بلوْن الرّمان حمراوان، شعْرها منْثور أسْود، ترْتدي ثوْباً قروي الألْوان والرّائحة، أصابعها دقيقة موْشومة بأزْرق، كما بيْن عيْنيها وتحْت شفتيْها. نقْطة داكنة الزّرْقة فوْق جبينها وثلاث تحْت امْتلاء شفتيْها. “لم أبْدأ سيْري بعْد”، قال ينْظر إليْها يتحقّق منْها. “ولكنّكَ تسير”، قالت تبْتسم. “ربّما، ولكنّها الطّريق لا أراها. ليْس بعد”. “أرى طريقكَ خلْفكَ تُلاحقكَ”. “أعْلم، ولكنّها للآن لمْ تصل”، قال يتملْمل في جلْسته يُحاول يُخْفي ضيقه. أمْسكتْ يده تنْظر أمامه معه. “سيطول سيْركَ”، قالتْ تهْمس وقد اقْتربتْ بوجْهها حتى كادت تلامس وجْهه، وسبْعاً من السّنين ستكون أمامكَ وأخْريات مثْلها خلْفكَ… لا تدع الأرْض تتوقّف ترْتجف تحْتكَ. لا تدعها تتوقّف ترْتعد أمامكَ. والشّمْس والقمر”.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب