رواية العشاء السفلي – محمد الشركي
قبل أن أهبط، حسير البصر، حدقت في وجهك الهاجع داخل شريعته. وجهك: مدخل بلدك الكبير. مدخل عالمك السهران. مدخله. دربه الأخضر. مذبحه الافتتاحي. برجه المرصع بالوشم. ضريحه القمري. حدقت فيه وقبلت عتبته المباركة. الجبين عتبة مغسولة بالظلام. الجبين ردهه كوكبية ينهمر فوقها شعرك: غابة العالم.شعرك غابة مدارية كثيفة المنابت، غابة بنغالية تفقد فيها الوحوش ذاكراتها، وفي أعماق الغابة أذناك: معبران للضجة المجهولة. الأذنان جسران إغريقيان تعبرهما أغنية أورفيوس. الحاجبان قوسان بابليان، قوسان عشبيان أسفل ردهة الجبين. العينان بركتان رومانيتان لاغتسال العنقاء، عيناك بركتان بربريتان لطقس الحراقيص. أنفك شاهدة قبر إسلامي. شفتاك خاتم لمدفن البلل النكتاري. ميزار.. أيتها الأم الداعرة. أيتها الأم المؤلمة. جيدك المجوسي مرصع بحبل من مسد، وأنت تضحكين بفجورك الرؤوم تضحكين في ليل الزبانية ضحكة القرابين الشامخة. تضحكين فتتهدم المدينة وتسقط حجرا على حجر.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب