رواية العشق الدمشقي – دياب عيد
يعود الكاتب إلى مفاهيم الزمن الجميل مستنطقاً بسطوره ورقّة كلماته ذلك الماضي الذي عاشته دمشق؛ بياسمينها، وحاراتها القديمة، وعاداتها وتقاليدها، ورجالاتها وقادتها، ورموزها الوطنية
مقتطف من الرواية :
لم تكن البداية الفعلية لما جري وسوف يجري حين فغر الدكتور مالك منصور فاه بذهول بالغ في تلك البلدة الهادئة من ولاية واشنطن الأمريكية في أقصي الشمال الغربي من عوالم أمريكا الشمالية الممتدة من المحيط إلي المحيط لونغ فيو long view العالقة قرب الطريق السريع بين سياتل وبقية الدنيا الأمريكية الصاخبة. لونغ فيو هذه المنتسبة إلي فسحة الغابات والخضرة ونهر كولومبيا الزاخر هي بالظبط أخر مكان في المعمورة توقع مالك أن يسمع فيه ما يسمع. فبعد قضائه أسبوعين في هذه البلدة طبيباً مختصاً في مشفاها يدخل المكتبة التي لفتت نظره مراراً. يتجول في أرجائها مطولاً. ثم يقف أمام بائعة ما ليسأل بلغته الإنكليزية المتقنة والخالية- كما ظن- من لكنة الغرباء. وعوضاً عن الابتسامة المهذبة والإجابة الواضحة تلقي ما أذهله إذ قالت هذه الفتاة المستنكرة بلهجة شبه عدائية: الكتاب خلفك تماماً علي الرف الأسفل!! وقد قالت ذلك بلكنة غريبة إنما بلغة عربية فصيحة.
ربما بدأ ذلك فعلاً قبل أن تولد سوزان براون بعدة عقود. بدأ حين تقدم أندرو براون الشاب إلي مقابلة عمل للمرة الأولي. وهو لم يفعل ذلك في بلدته أرلنجتون التكساسية وإنما في واشنطن دي سي العاصمة الشمالية. كان يريد أن يخلع الحذاء التكساسي وينتقل من راعي بقر إلي راعي كتب ومحلات ومجلات وحوليات. فرغم كل شيء لا بد أن بعض موظفي وزارة الخارجية يقرؤون وبالتالي لا بد من وجود كتب تقرأ ومكتبة تحويها ومن ثمة موظف للمكتبة أو موظفة تقوم بفتح سجل الإعارة وما يشبه ذلك. وهكذا وجد أندرو براون نفسه في إحدي دوائر الوزارة الأهم حيث قدر أن يضيع في الزحام ونجح في ألا يلفت نظر أحد بين الكتب والرفوف والخزائن كان أصلاً عاشقاً للزوايا المهملة شرط أن يكون في يده رواية وفي جيبه علبة دخان فقد اكتسب هاتين العادتين الذميمتين القراءة والتدخين في سن مبكرة فلم يفلح في محبة شيء سوي التاريخ والأدب واللفائف البيضاء.
قضي أندرو سنة ونيفا قبل أن تلفت ذاكرته المتوقدة فيما يتعلق بالكتب نظر أحد المدراء كان بروس تالبوت من الذين يؤمنون بالحلم الأمريكي وبأنهم قادرون دائماً علي ممارسة كل أنواع الأحلام تاركين للحظة مناسبة أن تقدم لهم بداية الألف ميل وهو الذي ينفر في قرارة نفسه من أسلوب الحياة التقليدي عمل مستقر وكدح دائم وعطلة نهاية الأسبوع ورحلة ما بين أب وأيلول. تالبوت كان يريد أن يأكل ويشرب ويتحرش بالهزيلات كعيدان البامبو. وأن يتذوق أشربة الأخرين القوية التكيلا والفودكا وكونياك نابليون والويسكي الاسكتلندي المعتق. بروس تالبوت الحاذق الماكر إنما غير الخبيث أدرك موظفه الهاديء النفور أندرو براون هو شخص متعالٍ يحتقر الجميع رغم دماثته العفوية صدم حين تلقي شرحاً لم يطلبه من أندرو حول رواية ذات أجزاء. كانت لهجة الموظف تؤكد- إن كنت بارعاً في التحليل كشأن بروس- أنه يتحدث بثقة العارف كنه الأمور لأخر ربما يعلم أو يجهل لكنه لا يعرف طبعاً باعتبار أن العلم هو قدر يسير من المعرفة. المهم أن تالبوت اختبر أندرو مباشرةً أو عن طريق موظفين أخرين حتي ثبت لديه أن هذا الشاب التكساسي هو أبعد ما يكون عن السذاجة أو العفوية لذلك قرر أن يفيد منه ذات يوم.أندرو بدوره لم يكنا ساذجاً بأي معني من المعاني استطاع عن طريق الأخرين كما عت طريق الاتصال المباشر أن يقف علي بواطن هذا الكهل العابس دائماً مستر
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب