رواية الكرنتينة – جان ماري غوستاف لوكليزيو
وما أهميّة الصّوَر؟ فذاكرتي ليست هنا أو هناك بين هذه الأنقاض. إنّها في كلّ مكان، في الصخور، وفي منحنى البركان الأسود، وأريج الحشف اللاّذع، وحفيف الريح، وفي بياض الزّبد على بلاطات البازلت.
أردتُ أن أرى جزيرتَي بلات وغابريال مُدركاً أنّني لن أجد ضالّتي. ومع ذلك، فإنّني أشعر الآن، بين تلك الجدران المعتمة التي بلاها الزّمن، أن عقدةً ما بداخلي قد انفكّت، كما لو أنّني تحرّرتُ وتنفّست الصّعداء.
فطالما اعتقدتُ أنّني بلا بلدٍ ولا وطنٍ، بسبب كبير العائلة، وأنّنا كنّا منفيّين إلى الأبد. لكنْ، في حين كان الزّورق يعبر القناةَ ويمضي بعيداً نحو موريشيوس، ويشتدّ صرير محرّكِه كلّما علا الموج، أدركتُ أخيراً أنّني إلى هنا أنتمي، إلى هذه الصخور السّوداء المنبجسة من قلب المحيط، وهذه الكرنتينة، كما لو أنّها مسقطُ رأسي. لم أترك شيئاً في المكان، ولم أحمل منه شيئاً. ومع ذلك، أشعرُ الآن أنّني إنسانٌ آخر.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب