رواية اللامرئيون – روي ياكوبسن
عندما يغيب البصر، تصبح الحواس الأخرى أكثر قوة، هذه الرائحة النفّاذة لنبات القرّاص والمستنقع والأعشاب البحرية والصوف الرطب، والضباب المالح كالبحر الذي ولده، مثل مداعبةِ يدٍ غريبةٍ باردةٍ للجلد، وعلى الرغم من أن طيور العيدر تحلّق عالياً وتنشر أجنحتها فوق الحقول، والحشرات والحيوانات صامتة مثل البشر، يصدر عن الضباب صوت غريب، صفير، مثل صفير البحر في محارةٍ، أو صوت سحب فأر ميّت فوق ثلج جاف.
بعد مرور ساعة أو ساعتين تخترق الشمس كلّ شيء، في البداية مثل عين سمكة قدٍّ مسلوقةٍ في سديمٍ رقيقٍ بضع درجات إلى الشمال، ثم مثل صُفرةٍ ذهبيةٍ تتوهّج وتتوهّج حتى تبدّد وتدمّر آخر طبقةِ ضبابٍ وتُطلقُ البصرَ، من جديد، مثل أحصنةٍ برّية في كلّ الاتجاهات. ثم كأن يوم عملهم قد انتصف، أو أنهم قد حصلوا على يوم عمل جديد داخل اليوم القديم، ويستطيعون أن يتابعوا عملهم بالمنجل من جديد.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب