رواية الله 99 (إيميلات مترجم إيميل سيوران) – حسن بلاسم
نحن هنا أمام كاتب استثنائي، بالمقام الأول. وهذا كتابه الرابع بعد كتابيه المسيح العراقي ومجنون ساحة الحرية واللَّذَيْن جمعهما كتاب “معرض الجثث”، والذي حاز جائزة الإنديبندنت العالمية 2014، ليكون بذلك أول كاتب عربي يحصل على هذه الجائزة. ثم كتابه “طفل الشيعة المسموم” الذي أثار الكثير من الجدل حوله. لكن حسن ينبه إلى أن هذا هو كتابه الأول الذي يصدر أولاً باللغة العربية قبل صدوره في لغات أخرى.
في المقام الثاني هذه هي الرواية الأولى لحسن بلاسم، وقراءتها تشبه إلى حد بعيد ركوب قطار الموت ولكن دون سماع أي صوت. مشهد صامت لحركة سريعة ومليئة بالتوتر. المستمتعون بالسرعة المرعبة، والمذعورون، والذين ندموا بعد ركوبهم القطار، جميعهم يصرخون إما متعة أو ذعراً، أو ندماً، أو من يحاول أن يستعيض بالصراخ عن البكاء، أو يصرخ ضاحكاً ليخفي خوفه كممارسة ذكورية لا أكثر. كل هذه الصرخات وهذه السرعة يقدمها لنا حسن بلاسم هنا دون أدنى ضجيج. بل على العكس تماماً يقدمها لنا مموسقة.
مترجم، وفي أثناء ترجمته لـ “إيميل سيوران”، يراسل صديقه الكاتب وطبيب الأبقار المهووس بـ “السيد بالومار” لـ “إيتالو كالفينو”. الصحفي كان قد حصل على منحة مالية لإنشاء مدونة، والتي أراد فيها جمع قصص شخصيات حقيقية أثرت به في طفولته وشبابه. وبالفعل يبدأ رحلته في البحث عنهم وعن سيرهم ولكن ماذا نتوقع من شخصيات تعيش في ” بلاد يرتفع منسوب العنف الوحشي فيها إلى مستويات مفزعة وفنتازيّة كلّ عقد من الزمن.”
بين رسائل المترجم وقصة الصحفي نفسه ومدونته، وقصص شخصياته الغرائبية (اسمحوا لي هنا أن أضيف الباهرة) وكيف تتشابك هذه القصص جميعها وتتعقد، فتنعقد معها الألسنة، تتنقل صفحات هذه الرواية. أما كيف ذلك دون أدنى ضجيج؟! فهذا سر حسن بلاسم الذي يصحبنا في روايته هذه، في جولة في قطار الموت. فتفضلوا بالصعود، وتأكدوا جيداً من ربط الأحزمة.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب