رواية النمروذ – أحمد صلاح سابق
بمرور الأشهر والسنوات، أصيب الشاب بفتور تجاه المؤثرات المحيطة، واستعلاء تام على الإحساس بمعاناة الآخرين. لم يعد ثَمَّة شيء يستحثه أو يدهشه أو يخيفه. انعزل عن العالم المحيط في كبسولة محكمة، لم يعد يسمع فيها إلا صوت أنفاسه قادمة من بعيد، عبر مواسير طويلة، بتردد عميق وبطئ. مضى في حياته ينقرها نقر الغراب، ويتلفت فيها التفافة الثعلب إذ يعلم أنه مُطارد، وخاض حالةً ممتدةً من المناورات الخطيرة والتركيز الشديد وضبط العواطف، متحريًا الحذر في كل أحواله، مراقبًا الناس في سره وعلانيته، محاسبًا نفسه علي السقطة واللقطة. أعوام مرَّت عليه في حصر وضغط، فصار يُحدِّث نفسه كل ليلة: “كل يوم قضيته طليقًا، هو يوم غلبتهم فيه. كل وجبة طيبة أكلتها، هي وجبة لم ينتزعها مني أحد. كل نفس استخلصته من الهواء، هو نصر سلبته من الدنيا.”
النُّمرُوذ .. رحلة أوديسيَّة عصيبة لشابٍ نشأ في بيئةٍ عدائيَّةٍ متنافرة. تبدو الخيارات أمامه واضحة، والهدف محدَّد، يشق سبيله إليه بإيثولوجية شرسة، مثيرًا الفوضى ومُعْمِلًا التحطيم في حياته وحياة من حوله. بوتيرة تصاعدية سريعة، تَزِلُّ الأقدام في عين دوَّامة، تودي إلى قعرٍ معتمٍ عميق
ترسم النُّمرُوذ جاليريا وافية لتناقضات عائلة الجارحي الكبيرة، من حيث جمعها بين الضراوة والتخاذل، بين التجبُّر وتصاغر النفس ذُلًا ومهانة، بين اِزْدِرَاءٍ الآخرين وتدنِّي احترام الذات، بين الغلو في الزَّهْوِ والانغماس في الشَقَاء، بين جموح الأحلام وكفر النِعَمْ
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب
لمناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا