رواية اليطقان – صالح حامد
“اليطقان حكاية سلاح، منذ كان قبل الزمان حديدًا، منذ هبط إلى كوكبنا المليء بالآثام، حين شكَّله حداد قديم اسمه شادي، وجعل له دورًا حاسمًا في التاريخ بعد أن أهداه للسلطان السلجوقي، وعاش معه سيفًا مسلولًا ضد أعدائه.
سيف ولد في 1099 على الحدود الكردية، وصار سيف السيوف، لكنه أبدًا لم يكن يعلم مصيره، عاش انتقالات عدة عبر العصور، كان شاهدًا على سفك الدماء وعظمة السلاطين وجنونهم أيضًا، على غرور الإنسان ووضاعته، تنقل بين ملوك ودراويش وخونة وقادة ووضعاء من الغوغاء ومهمشين ومهووسين بالدم والقتل والعظمة والملك، كان يعيش مأساة كونه أداة لا تملك مصيرها، معجب بنفسه هذا اليطقان، مغرور بحدته ومتعطش للدماء والبطولة، ومع ذلك تكسبه الحياة حكمة الشاهد الخالد على غرابة المصائر وتفاهة الدنيا.
من يد إلى أخرى عبر العصور، سواء مع نبي الحشاشين الإسماعيلية في قلعة الموت أو مع طومان باي شاهدًا على الخيانة والغدر، أو مع آل عثمان الغزاة، كان اليطقان يعرف أنه سيف، خلق ليحارب، خلق ليقرر، لكنه شيئًا فشيئًا يهُون كما هان كل شيء، لم يعد هذا زمن الأبطال، ولم تعد مواجهة الرجال لبعضهم من شيم أبناء الزمن الجديد، صار للزمن الجديد رجاله، بلطجية ومدمنون ومرضى وقوادون وداعرون، لا يقدّرون قيمة اليطقان ولا يعرفون أصله السماوي ودوره التاريخي، من حلوان إلى المقطم إلى صحراء المماليك إلى المقابر يتنقل بنا هذا اليطقان ساردًا علينا حكايته القديمة الجديدة عن فداحة الهوان وانهيار القيم النبيلة، حتى ينتهي به الأمر شاهدًا على قبر”.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب