رواية بائع الهوى – جميل نهرا
أشار مفيد إلى الزجاجة أمامه، وأخبره أنه قبل نحو عشرة آلاف سنة عاش قديس شاب في قرية بالقرب من معرّة النعمان، كان الموسم قحطًا، ولم يتمكن البشر من إيجاد طعام يأكلونه وتوفي خلق كثير.
عانى هذا القديس مرضًا في ساقيه منعه من المسير الطويل والركض، فلم يستطع الهجرة مع أقرانه إلى المناطق الساحلية القريبة من البحر لاصطياد الأسماك، وبقي في القرية إلى جانب النساء والأطفال والعجزة، وفي أحد الأيام وبعد أن أكل الجوع معدته ورأسه، سار إلى حقل قريب حيث كان يتناول عناقيد العنب صغيرًا، وطبعًا لم يجد أي شيء يأكله.
اقترب من إحدى العرائش اليابسة، كانت تحمل عنقودًا شوّه حباته الجفاف، ولأنه كان نصف مغمى عليه، شرع يتناول حباته التي تخمَّرت بفعل الشمس حتى أتى على آخر حبة فيه، وحينها شعر بأن ساقيه قد عادت فيهما الحياة، وبرأسه خفيفًا سعيدًا. قطف كل العناقيد الجافة التي استطاع الوصول إليها، ذهب إلى ظل قريب، أكل أحدها، ودفن البقية تحت التراب وعاد يرقص إلى قريته.
عندما شاهدت النساء وجهه متوردًا، وحركته الرشيقة، ظنن أنه تناول وليمة دسمة وحيدًا ولُمْنه على أنانيته.
لم تصدق إحداهن أنه لم يأكل إلا عنبًا جافًا تمتنع الحيوانات الرامة عنه.
عاد بعد أيام إلى المخبأ وجلب معه إلى القرية عدة عناقيد كانت قد تخمرت أكثر بفعل الرطوبة والعفن، وصار خمرها أشدّ تأثيرًا.
دعا النساء اللواتي كن في القرية إلى الوليمة، طبعًا عافت النسوة الوليمة، إلا أن الكثير منهن − بعد أن شاهدنه يأكل − وتحت تأثير الجوع شرعن يأكلن العنب العفن في نهاية المطاف. بعد عدة ساعات كانت النسوة وبفعل الخمر يرتمين في أحضان الشاب القديس، وضاجعن الكسيح بلذة لم يعهدنها من قبل.
في صباح اليوم التالي، عمد القديس إلى دفن كل العناقيد الجافة وتخزينها حتى يبتز النسوة لمضاجعته، فجميعهن كن لا يقربنه لهزاله وشح صيده، ما هي إلا عدة أشهر حتى ضاجع القديس نساء القرية كلها، ولم يرجع الصيادون من رحلتهم إلا وذرية الكسيح تملأ القرية، وهكذا شرع أولاده من بعده يعملون على توسعة فنون التخمير، حتى وصلت إلى أعلى مراتب التطور والفن.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب