رواية بيتنا الكبير – ربيعة ريحان
الطفلة التي تركت حضن أمها صغيرة حتى أنها لم تتعرف على نفسها سوى لاحقا، “فريدة” ابنة الضرة “عقيدة” التي ورثت منها بعض الملامح جسدا وروحا. رحلت بصحبة أبيها منذ زمن بعيد، في الستينيات من القرن الماضي، لتلتحق بالبيت الكبير مع جدها “كبور” والأعمام وأولادهم بعيدا عن أمها لتكبر في كنف زوجة أبيها وأخواتها غير الأشقاء.توتر المشهد، جلوسها متربعة فوق ظهر عربة بخدين ورديين وعينين فاتحتين وشعر أشعث بفعل الريح، وفستانا الطويل الأسود ذا النقاط البيضاء، وصندلها البني الذي تطل منه أصابع قدميها الجافة، بندوبها الظاهرة، من كثرة ما اصطدمت بالحجارة والسكوم وسدر النبق، ليس كمؤشر على الفاقة، بل على اجتيازها تخوم اللعب.
مشهد ما زال إلى اليوم يتكرر في أحلامها، مثلما تتكرر مخاوفها من أحلام أخرى لم تنقطع عنها أبدا، مزيج من الأسئلة الصعبة في امتحان البكالوريا، ومأزقها بأنها لا تحفظ شيئا، وليست مستعدة للكتابة والرد، خاصة في مادتي التاريخ والجغرافيا، مما جعل تلك النهارات التي تعقب تلك الأحلام، مجرد ساعات مليئة بالتوتر والتعاسة، وانشغال البال.
“فريدة” والبيت الكبير بأسراره وأساطيره وقصصه ورغباته الماجنة التي لا تنتهي، تسير بداخل نفسها وتغوص بعيدا كلما استطاعت فك الطلاسم وفهم عائلتها أكثر.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب