رواية تلة الذئب – سامي سعد
كل شيء يتغير فيما عدا الزمن يبقى صبياً غضاً، ربما لأنه بلا ذاكرة، لأنه يحترف النسيان، وفيما عداه فإن كل شيء ستدركه الشيخوخة، التي هي في الأصل أصابع الزمن، الزمن الذي يبدو كسفينة بلانهاية، لا تذوب ولا تغرق، لا يضيرها من هبط ومن صعد، من بقى أو من رحل، تبدأ من هنا، من هناك، من أي نقطة على الأرض (وكل ما في الوجود محض نقاط متناثرة ) حتى تصل إلى الكف القابضة على أصل الخيط:
الله، هناك فقط ينتهي الزمن لأن الله العظيم لا يرضى أن يقترن بشيء حتى ولو ان هذا الطويل المُلقى تحت كرسيه الخالد،
نحن نكره الزمن لأنه يناقضنا، فنحن نمضي فيما هو باق، هو ينسى ونحن لا نستطيع، نحن نشيخ ونذبل فيما هو لا زمن آخر يدركه، المهم أنك ستنام الليلة ها هنا، أليس كذلك؟ هذا أمر مفروغ منه.
محطة القطار تبدو فارغة، يا بني لا محطة هنا ولا قطار، أنت تهوّل الأمر، ربما من قسوة الوحدة، ما عليك سوى أن تضع رأسك وتذهب في النوم، حاول، لن تخسر شيئا.
أخسر؟ قد أخسر السبات العميق ! تصوّر لو أنك في حالة يقظة دائمة ! هذا هو الجنون، ريح تعصف بالأبواب، هى الريح فلماذا القلق؟ لكن الأغنام في حظيرتها لا تكف عن الثغاء، كلاب تمزق أوتارها من النباح، طيور تملأ سواد الليل بأصواتها المتناقضة، هذه بوادر كابوس ثقيل، لكن كيف وأنت جالس تتجرع نبيذ الفقراء (شايك الأحمر) لا، الريح، الريح، تباً للريح ماذا أفعل؟ متشحاً برداء صوفي ثقيل وغطاء رأس أسود حتى أذنيه ، يقف متثاقلاً، سيغلق الأبواب جيداً لكن ماذا بوسعه أن يفعل لصوت الريح؟ قبالة الباب من الداخل يقبض على مزلاج الباب الداخلي، يشم رائحة موغلة في القدم، لا يمكن وصف الروائح بدقة، شيء من الرمل النافذ، وشذى الأثل المحروق وفيما هو يجذب الباب ليعاود إغلاقه بإحكام، رآه ممدداً على الدرجة الثالثة من العتبات الطويلة، باسطاً يديه العاريتين!
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب