رواية تماس – عروسية النالوتي
إن شخصيّات “تماس” شخصيات مأساوية تطاردها المصائب دون أن تكون متسبّبة في ذلك أو ارتكبت أيّ فعل شائن تستحقّ من أجله عقابا بل عن طريق خطأ يتسبّب فيه الغير أو الآخر المتمثّل هنا في المجتمع وقد رأينا في هذا النصّ ما يبرّر حتى تسلّط “قاسم عبد الجبّار والد زينب” الذي نشأ في حضن أم متسلّطة أرغمته على التجرّد من مشاعر الأبوّة ومن واجبه تجاه زوجه. فيصبح بالنسبة له من العار أن يجهر بها حتى بعد موت والدته، وهذه الصورة تحيله إلى شخصيّة مرهوبة، لكنها تخفي داخلها ذاتا هشّة تجلّت عندما عانقته ابنته: “فعانقها بشدّة وهو يطلق العنان لشهقاته المكتومة، كطفل يلوذ بحضن أمّه، واستغربت “خديجة” لانقلاب الأوضاع… ولم تعد تفهم شيئا فقد تحوّل زوجها إلى طفل وديع يشكو يتمه لأمّ هي ابنته، وغدت ابنتها التي لم تعرف معنى الأمومة بعد إلى أمّ عرّيفة بحاجات الولد إلى أمّ سخيّة تحضن وتمسح ما ترسّب في النّفس من أكدار”.
ومثلما ركّزت على الطفولة ودورها في بناء شخصيّة الإنسان، اهتمت المؤلّفة بالموروث وما يسبّبه من اختلال وتشويه لطبيعة الكائن الذي يخلق جميلا، رائعا ثم يتحول غصبا عنه إلى شخص مريض تكبّله العقد.
لم تكشف المؤلفة عن جانب واحد من معاناة المرأة بل توسعت في وصفها وتطرقت إلى كل القضايا المحيطة بها. لكنّها رغم تحريرها لبطلة روايتها استطاعت أن تمنعها من التهور وارتكاب جريمة في آخر الرواية.
لم تشأ عروسية النالوتي أن تختم نصّها بقتيل وقاتل، فجعلت “زينب حسّان” تفقد السيطرة على قبضتها فينزلق “قاسم” من بين أظافر “زينب عبد الجبّار”، ويفسّر ذلك رغبة “زينب حسّان” في قتل الأب المتسلّط بيد ابنته المعذّبة “زينب عبد الجبّار”، التي تتخلّى في اللّحظة الأخيرة عن ذلك و تفضل عنه اللّجوء إلى الحوار.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب