رواية ثورة الذاكرة – آية محمد العاسمي
في روايتها «ثورةُ الذّاكرة» تواكب الكاتبة السورية آية محمد العاسمي أحداث الحرب السورية خلال ثماني سنوات من عمر الثورة؛ فتنطلق من تلك الأحداث وتعيد صوغها وفق رؤيتها الفنية الخاصة، وتتخذ من حياة فتاة سورية وأسرتها نموذجاً مصغّراً لمعاناة المجتمع السوري في ظل هذه المرحلة من تاريخه الحديث.
في «ثورةُ الذّاكرة» تتماهى كل المستحيلات التي تنشئها الحياة في ظلّ الحرب بكل تعقيداتها ولحظاتها الأشد قسوة على الروح قبل الجسد، وخاصة عند الحديث عن الفواجع الإنسانية في سورية وغيرها من تفاصيل العنف اليومي المتنامي دون هوادة بين الأفرقاء المتصارعين وفي تلافيف الحياة والوجدان والذاكرة، وينسحب هذا على أسرة الشخصية المحورية في الرواية “أمل” وعن تفتّت اتجاهات هذه الأسرة السورية داخل وخارج حدود الوطن، وما رافق رحيل أفرادها من تشرّد وضياع، وهو ما يجعل من رواية «ثورةُ الذاكرة» ذاكرة للحرب، وانتصاراً لذاكرة كل سوري، وعلامة على جرح مؤبّد، لم ولن يندمل قبل عقود في ذاكرة الضحايا.
فذاكرة “أمل” لا تتوقف عن استحضار مظاهر الظلم لعائلتها قبل وبعد زمن الحرب، فتثور ذاكرتها عند كل منعطف؛ لأن الذاكرة هي بالنهاية ليست شيئاً آخر غير استيهامات الذات عن محيطها، وأحكامها وتمثيلاتها للآخرين، ونوازعها لتواصلٍ أصبح مفقوداً ولا يُمكن حضوره إلّا عبر عملية التذكر. هذا ما تُنبؤنا به ذاكرة “أمل” وهي تستحضر تاريخ عائلتها المعارِضة للسلطة الحاكمة والتي استغلت فرصة حرب تشرين لتسافر إلى بريطانيا بلجوء إنساني، ولكن أباها عاد بعد سنين رغبة في بناء الوطن..
وعادت “أمل” إلى دمشق بعد اغتراب طال وتسطّر على ربيع عمرها تبحث عن بقايا ما خلّفته الحرب، وأول وجهة لها كانت بيتهم القديم، وقلبها يتلهّف لرؤيته، بعد أن سكنه أناس آخرين، ولأن الحياة تعوّض الحجر بالبشر أحياناً ستكون لـ “أمل” بعد معاناةٍ طويلة حكاية مع ابن صاحب الدار الجديد “وليد” ليعيد ترتيب موضع الأولويات في حياتها… فهل سيكون لها من اسمها نصيب؟ قدّم للرواية بقراءة نقدية الدكتور رياض نعسان آغا ومما جاء فيها: “… لقد أدهشتني براعة آية في قوة السرد، وفي امتلاك ناصية اللغة برشاقة عذبة، وبتمكّنها من فنون التقنية الروائية، عبر تقسيم الزمن السردي، وعبر قوة الحبكة الروائية في نمنمات لم تغفِل أية شخصية من شخوصها، وعبر تفتيت السيناريو ثم إتقان صهْره وسبكه عبر الحراك المشهدي المتداخل. قلتُ لآية “لقد بدأت روايتك الأولى من أعلى قمة في هضبة الموهبة، واخترتِ أخطر فترة من تاريخ سورية، فإلى أية قمة شاهقة ستصلين؟ فأنت لم تتسلقي الهضبة، وإنما طلعت من سمائها…”.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب