رواية حرير صاخب – رجاء نعمة
في الفصل الأول من رواية “حرير صاخب”* لرجاء نعمة تُدخلنا الراوية مقدِّمة نفسها كروائية تقوم بسرد وقائع أو خبايا حياة امرأة تعرفها اسمها دالية تحولت إلى بطلة لروايتها. في دخولها إلينا كقراء، تخاطبنا الروائية – الراوية وتسرد علينا قصص أناس احتفظت بفصول حكاياتهم بعدما رحلوا. استرجعت الروائية كتابة فصول الرواية عازمة كما تقول “على ألاّ تُضلّل نفسها بالتساؤلات، لتمييز الواقع من المتخيّل ولا الأصل من صورته أو لتمييز الكاتبة من البطلة”. إلا ان الراوئية نجحت في رسم مسافة واضحة بينها وبين الشخصيات فعملت على حبكة روايتها برغبة تضاهيها رغبة في البقاء بعيدة من شخصياتها التي قدمتها ضمن تشكيلة مباشرة، لتُبقي نفسها خارج فضاء الرواية، كأن تقول حين تقدم إحدى الشخصيات واسمها ريما … “وما لم يكن متمرساً بنمط خاص من الأدب، يتفاوت ما بين الدعابة والمأساة، سيكون من الصعب عليه أن يحكي عن الصبية ريما أخت دالية”.
انه حرير صاخب. “حرير” من حيث توالد الحكايات وتداخلها “الشرنقي” وانتقالها حدثاً بعد آخر وسط “صخب” الأجواء وتعدد الشخصيات وتداخلها، وحركتها التي لا تهدأ والتغيرات التي تطرأ عليها حتى تبدو كأنها في حالات “ميتامورفوزية” دائمة. ولا عجب في ذلك، فهذا بعض مما تريد الروائية نعمة قوله، إذ لا ثبات ولا يقين في أي أمر، كما ورد على لسان الشخصية الرئيسية دالية حين تردّ على سؤال طرحته عليها الروائية – الراوية بقولها: “ما عدنا نحن ولا نشبه أنفسنا. لا أحد يشبه أحداً ولو كان هو نفسه”. هذا التبدل الذي تعيشه الشخصيات هو تغير مفاجئ على رغم استمراره، وهو يقع في موقع الغربة عن الذات وعن العالم الخارجي، وسط دوامة لا تتوقف من البحث عن الحب. إنه تغير “كلّي بديع” يطرأ على بني البشر “فيبقى هو إنما ليبلغ فيه صورته المشتهاة”.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب
لمناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا