رواية حيث مولد الشمس – الحبيب السائح
هكذا بلا مثيرٍ معين، ربما كان أنْ توهمت القهوة حليبًا، شجاك أن تخيلت نفسك في سن الثانية قد تعثرت باكيًا تلاحق أمك ثم نهضت ضاحكًا بدمعتيك لأنها طأطأت لتحملك إلى صدرها. كرْب صبيحة، مثل هذه، أشدّ إيلامًا لنفسٍ تائهةٍ مثل نفسك. فلماذا حين تأتي لتتذكر ما أفرحك وسلاك ولذّذك لا يسنو في ذهنك سوى ما ثلم حياتك من محنٍ وخيباتٍ وفشل. أنت تهرم. تحزنك حالك في نهايات العمر. ليس هو الحزن الذي كان يصيبك في الثلاثين أو الأربعين والخمسين. إنه حزن ما بعد الستين، الآن، على الضياع الأخير والفقد الأخير والخسارات الأخيرة. ولأنه حزْن على نفسك فهو أمضّ على الإطلاق. المسافة بينك وبين نهايتك ضاقت تمامًا ولم يعد في مستطاعك بأي وسيلة تمديدها ولو شبرًا واحدًا. أن تموت يعني الفناء وزوال العالم بالنسبة إليك.
من دون نومك المضطرب، جرّاء قلقك المُزمن وشكّك الوجودي الذي لا يفتأ يفترسك، تتبقّى لك شذرات من ماضٍ شقي تلوكها مثل علكة يخجلك فيها تاريخك الشخصي حيال زمن عمرك الذي خرّم ما سئِر من ذاكرتك!
هذه الرواية سيرةٌ عن الموت، قسوة اليتم وحيف الأمية، عن ندوب الخوف ومحنة التشريد خلال الحروب، الهجر الدائمة إلى اللامكان، والدروب التي تُطارد سالكيها، فتورث المرء قلقًا مزمنًا، شكًّا وجوديًّا، عطبًا في الذاكرة وفشلًا في الحب. سيرةٌ يتقاطع فيها الفرد مع الوطن، عن الهزيمة أمام المؤسسة، والعزلة القصوى داخل قوقعة ماضٍ شقي وتاريخٍ مُخجل.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب