رواية دبي صنعاء والعودة – عبد الفتاح حيدرة
في روايته «دبي صنعاء والعودة» يواكب الكاتب والإعلامي اليمني عبد الفتاح حيدرة المشهد السياسي المعاصر في بلاده، ويعكس ما أفرزته الحرب الأخيرة من تداعيات على الأطراف المتناحرة والمدن والنفوس، ويعيد صوغها وفق رؤية فنية، تعيد للرواية اليمنية بريقها، والذي يرتد في سياقه إلى أكثر من قرن من الزمان، منذ السرديات المبكرة التي أنتجها أمثال: أحمد زين وبسام شمس الدين وعلي المغربي ووجدي الأهدل ومحمد عبد المولى وآخرون ممن وضعوا بصمة لا تُمحى في أعمالهم السردية حتى اليوم.
تشكل الضربة العسكرية التي أطلقتها قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ضد جماعة الحوثيين والرئيس الأسبق لليمن علي عبد الله صالح أواخر آذار/مارس من العام 2015 نقطة انطلاق دراميّة ساخنة في الرواية ولا سيما بالنسبة إلى راوي الرواية وبطلها الذي وجد نفسه محاصراً على وقع هذا الزلزال الذي أصاب العاصمة صنعاء؛ في حين لم يمضِ على وجوده فيها سوى يومين فقط، ويُفترض أن يعود إلى عمله في دبي ليتابع عمله كصحافي، مما يضطره إلى السفر عبر المنافذ البرية على الحدود العمانية برفقة العم قاسم في رحلة مضنية يقوم فيها بسرد أسباب الحرب المشتعلة بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين منذ الحرب الأولى من العام 2004 وحتى وقوع الضربة العسكرية “عاصفة الحزم”، في قراءة رصينة للمشهد السياسي المعاصر ومواقف الناس ما بين مؤيدٍ للضربة العسكرية ومعارضٍ لها، وبين هذا وذاك ينشغل الراوي بمخاوف صديقه كمال الذي أخبره أنه يخشى من تأثير حدة الاستقطاب وما تَجلّبهُ الحرب من ضغائن في علاقته بنادية وخاصة بعد أن خطفت الحرب شقيقتها وكأنه يقول: إن الحرب والحب لا يجتمعان على أرض واحدة.
في الخطاب الروائي، يصطنع عبد الفتاح حيدرة تقنية تقليدية في الروي حين يعهد إلى راوٍ عليم برواية الأحداث، لكنه في نفس الوقت يصطنع تقنيات حديثة حين يزاوج بين السرد والوصف والحوار كما في استخدامه تقنية (الاسترجاع والاستقدام) التي يقطع بها تسلسل الوقائع المعيشة المسرودة وأيضاً في اشتغاله على ربط المحكي بالصورة وهو اشتغال سردي قائم على استدراج الصورة الصحفية إلى النص الروائي والذي يسمى بـ (السرد بالصورة المرئية) لأنه يُستمد من عمق الصور المتموضعة بين سياقات الوحدة السردية، وبذلك يكون حيدرة قد استخدم تقنية سردية جديدة لبسط حكايته على جزء من مساحة المحكي في الرواية؛ يُمكن إحالتها إلى زمن الرواية العام (2015) أي الضربة العسكرية لليمن “عاصفة الحزم”، ويكون الهدف منها إظهار الوقائع للرأي العام كما هي في الواقع وما نتج عنها من أذى معنوي ونفسي ومادي على شخصيات الرواية والناس أيضاً وهنا تنكشف أبعاد النزعة الإنسانية السامية، والحس الوطني للصحافي اليمني في شخصية الروائي عبد الفتاح حيدرة.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب