رواية دروب وغبار – جنان جاسم حلاوي
“يد بشرية حطت على الورقة، أوقفته المفاجأة عن مواصلة الكتاب، أرجع ظهره إلى الوراء رافعاً بصره إلى الوجه الذي سمعه يسلم عليه. مرحباً يوسف، أهلاً. ردّ كمن يتجنب المفاجأة، مشفوعاً بالارتياب، يتفحص سمات الشاب المقرونة بابتسامة متسائلة: أما عرفتني؟ والحقيقة أن هذه التقاسيم ليست غريبة عليه: وجه عراقي صرف ينتمي بملامحه إلى حيله، حيث التمرد والشقاوة والتحدي واللامبالاة والذكاء والرغبة في العراق والاستحواذ والتجاوز والفضول والبحث عن المجهول وحب التجريب والخروج على السائد والمعاكسة والمشاكسة: تعابير يستطيع قراءتها في وجوه مجايليه من المثقفين الذين عرفهم ورافقهم في مقاهي بغداد والبصرة سنوات السبعينات. رفع الشاب طاقتيه فبانت صلعته، وقال: والآن! بئر يوسف وقد وصل تقريباً إلى حافة ذاكرته، عبر ضباب تفاصيل رجراجة: آه نعم.. ربما التقينا في مقهى البرلمان. صحيح أنا ماد، التقينا مرة واحدة في بغداد فحسب، ولكنّي لا أزال أتذكر ذلك اللقاء بدقة. المهم اسمي الآن “أبو المجد”، كما ترى محرّر من ماجد. حكى أعجوبة هربه من العراق خلال البادية إلى سوريا، قصة افتتانه ببيروت وتقوض الهواء أثناء الاجتياح الإسرائيلي لها، مسارات العودة إلى دمشق، أرومة العراقيين المظلمة، وأخيراً الإقامة في مدينة بعلبك مع مجموعة من عراقيي المهجر في غور بيت قريب من مكتب الجبهة”.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب