رواية رأس دا ماشينو مونتيرو المفقود – أنطونيو تابوكي
إن الاشتغال بما هو إنساني شامل يجعل الكتابة الروائية تتجاوز سؤال الخصوصية المتعلق بفضاء ما إلى إثارة أسئلة أخرى أكثر رحابة وشساعة. وهذا الدرس نأخذه من رواية الإيطالي تابوكي الذي كتب كثيرا عن البرتغال وما تمثله من قيم إنسانية وثقافية في سياق اهتمامه بأسئلة الواقع الراهن والإنسان المعاصر؛ ولكن هذا الاشتغال السردي/ الروائي يتجاوز الوقوف عند السمات الخاصة ليجعل من البرتغال كبلد متوسطي/ أطلسي مجالا إنسانيا تتقاطع فيه قيم وعادات وطبائع مشتركة نابعة من تواصل إنساني أكيد.
هكذا نجد أنفسنا في الرواية أمام بطل انتقل من لشبونة نحو مدينة أوبُرتو في شمال البرتغال لتجميع معلومات عن قتل مواطن وُجدت جثته في مكان/ مخيم يتجمع فيه غجر المدينة. وفي أثناء قيام البطل ‘فرمينو’ بمهامه الصحافية يطلعنا السارد على جوانب تتعلق بتمثلاته عن أوبرتو وعن عادات سكانها وعن مشاكلهم الاجتماعية الناجمة عن توتر الحياة المعاصرة وتشابكات وقائعها وأحداثها. وبهذه الشاكلة فإن لقاءات الصحافي بالآخرين تكشف له بعض الحقائق ـ في مجتمع أوبُرتو وفي البرتغال المعاصرين ـ التي كانت خافية عليه على الرغم من مهنته الصحافية ومزاولته لأنشطته في جريدة تصدر في العاصمة. ومن هنا نجد في النص الروائي بعض عادات سكان المدينة جلية واضحة، يعرض السارد من خلالها اكتشافات بطله في سياق تصويري يعرض معلومات ذات طابع ثقافي خالص ورؤية أنثروبولوجية لا تكاد تغيب عنها دهشة الاكتشاف والمعرفة. وهذه الرؤية الثقافية الأنثربولوجية تشتغل في سياق فني روائي هدفها تقديم صورة دقيقة عن واقع المدينة كما تمثله الرواية وهي تسعى إلى رصد الحياة الإنسانية المعاصرة في ظل أزمة مالية واقتصادية تعيشها البلاد. يقول السارد متحدثا عن اكتشاف بطله لبعض أحياء المدينة ومعالمها المعمارية:
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب