رواية رائحة الزعفران – عاتي البركات
“رائحة الزعفران” رائعة الأديب العراقي “عاتي البركات” يحكي فيها قصة وطنه الذي ظل يرزح تحت سلطة نظام أجبره على الخروج منه، فيقي في غربته يكتب تجربته مستخدماً من أبطال روايته نموذجاً لذلك الواقع المعيش، يتكلم فيها الروائي بصوت البطل وكأني يبتعد خطوات عن ذاته لا أكثر. في “رائحة الزعفران” ينشغل الروائي بالواقع اليومي البسيط جداً لذلك المجتمع، فيأخذنا بطريقة السرد الروائي إلى مفصل تاريخي مهم عاشه العرب وبالأخص الشعب العراقي وتجربته في ظل نظام حكم صدام، ومن ثم تجربته مع المحتل الأمريكي.
تنتمي هذه الرواية إلى عوالم مزيجة من الحنين والمآسي يستحضر الروائي ذكريات بطل روايته “فلاح” التي يحيلها الروائي إلى كلمات تتحدث عن ألم الماضي وواقع الحال الذي كان عليه الشعب في ظل نظام صدام. “لم يطبق جفانه وهو يدفل إلى أعماق المدينة الضاجة بالباعة المتجولين، والمفترشين الطرقات، والذين يدرورن بعرباتهم التي تجرها الحمير، والخيول.. وحتة لحظة اقتحام رائحة الزعفران، والبهارات، وشي الكباب، والتكه إلى خياشيمه…”. قضايا متعددة تبرز في ثنايا هذه الرواية التي أخذت طابعاً تأملياً فلسفياً في وصف الأحداث أكثر مما هي وطنه المعذب في جميع العهود التي مر بها مثل الإحتلال وبعده هي قضية شعب انتهكت حقوقه من قبل حاكميه ومن المستعمر الجديد هي محاولة لفهم النزاعات بين الأطراف الداخلية والأحزاب الحاكمة وبين الخارج يقول الكاتب “في يوم واحد تحطمت صور الرئيس الذي حكم أهل العراق بالنار والحديد، حطمها الجيش المهزوم ليحرك الشعب الخائف لإشعال ثورة تجاذبتها الأطراف الخارجية بسرعة البرق! (…) لقد تهدمت القلاع التي زرحت على الأرواح عقوداً كانت أكثر من المعتاد، فانحرفت الثورة عن مجراها حين عزمت الأيادي إيقاعات الفرهود، ولأن الوعي لم يكن حقيقياً انشغل الثوار بالصراعات الساذجة، لتظهر شعارات أثارت حفيظة الدول المهيمنة على العالم لتعيد طبيعة الأشياء أمكانية إبقاء النظام على حاله، ومعاونته على الفتك بأصحاب الرايات السود، وفعلاً وصلت الأوامر بتطويق التمرد، والقضاء على الثوار وسط صمت الرأي العام العالمي، وتجاهله لمحنة الملايين الذين لا حول لهم ولا قوة!…”
“رائحة الزعفران” هي أكثر من رواية هي ملحمة شعب مقاوم لا يكتفي فيها الروائي بحدود الكشف الواقعي، وتبيان التناقضات التاريخية والاجتماعية وحسب، بل إنه يغوص في تحليلات سياسية وجوهرية للعملية الزمنية المرافقة لقهر الشعوب في هذه الدائرة المغلقة التي يعيشها شعبنا في العراق، هي إشكالية تتكرر في كل زمن منذ عصرنا قبل الحداثة وصولاً إلى عصرنا الحاضر، وهذا ما يخبرنا به التاريخ فكم من غزوات واحتلالات مرت بهذا البلد، فهل تكون هذه الرواية كشف لتارخ ولى أم أنها تعبير عن حاضرٍ ما يزال يحتضر؟
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب