رواية رحلة الضباع – سهير المصادفة
“لم أخْتَر مهنتي، يا ابنتي، وإنما اختارتْني. في البداية حاولوا زَجْري كأنّني كلبٌ موبوءٌ، ثم رويدًا صار بيننا شبهُ اتفاقٍ سريٍّ؛ أن أُواريهم التراب، بينما يستمعون هازئين إلى نُبوءاتي، وهم يُقهقهون عاليًا، حتى صرتُ أحفظ جملهم الشهيرة: أقبحُ من السوداءِ وأشدُّ سوادًا من نُبوءاتها!”.
“ستكونُ كلُّ أطرافه باردةً، وكلماتُه أشد برودةً. تكادينَ تُمسكين معاناته وهو يخترعُ حججًا ليتجنّبكِ، ويُلملمُ أعضاءَهُ حتى لا تلمسكِ. ستكونُ له صديقاتٌ كثيراتٌ على الفيس بوك، تلمحينَ صورهنّ المُعَالجة في معامل الفوتوشوب دون أن يُحدثكِ عنهن مطلقًا، أو يأتي من بعيدٍ أو قريبٍ إلى إشارة تفضحُ علاقته بهن. ستلمحينَ حرصَه البالغ على غلقَ بريده الإلكتروني بسرعةٍ إذا ما اقتربتِ منه فجأة، وستلاحظينَ أنه لا يردُّ على هاتفه أبدًا وهو معكِ، وإذا ما ردَّ مضطرًّا فسيردُ بكلماتٍ مُقتضبة حازمة سريعة، بينما تلمحين إثارة كلّ خَلجاته التي تصرخُ بالحنين إلى الصوتِ الذي يُهاتفه. فأنتِ على كلّ حالٍ تعلمينَ أن أعضاءَ الرجالِ لا تستطيع الكذب”.
تأخُذنا الكاتبةُ سهير المصادفة في روايتها “رِحلة الضِّباع” إلى عالمينِ مختلفينِ، أو إذا شئتَ قُلْ إنهما روايتان في روايةٍ واحدةٍ، تتقابلانِ عبر خيطٍ رفيعٍ في عصرينِ بعيدينِ لتَمُرّ على الحداثة وتغوص في البدائيّة، وتشير بجرأة إلى جروحِ النساء عبر زَمَنَي الروايةِ في سردٍ شيّقٍ ولغةٍ مُغايرةٍ.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب