رواية رقصة أوديسا – عز الدين ميهوبي
بعد أيّامٍ قليلة تشكّلت لديّ صورةٌ سرياليّة عن مدينة مُوسْكُو، وكأنها رجُلٌ بدين، عندما يمشِي تُزعجُهُ نظراتُ النّاس، كونُه يرتدي معطفًا من بقايا معركة ستالينغرَاد، وينتعلُ حذاءً خشنًا من جلدِ دُبّ قطبيّ، ويضعُ قبّعةً من قُماشِ القُوقاز، ويسعلُ كمعتقلٍ قضى عشرين عامًا في زنزانة بئيسَة بسيبيريَا.
هكذا رأيتُ هذه المدينة التي لم تكنْ منشرحةً كرُوما أو مدريد أو تونس. قال لي طلحَة وهو طالبٌ يمنيٌّ، من عَدن، متّقد الذّكاء، تعرّفتُ عليه في معهد تعلّم اللغة الرّوسيّة وتاريخ ومعالم الاتحاد السوفياتي: إنّهم يتخلّصُون من إرثِ عجائز الكريمْلين، ولا أعتقدُ أنّ الأمر سيعمّرُ طويلاً.
أرهقُوا أنفسَهم في حرب أفغانستان، وحمايةِ جمهورياتٍ لا يؤمنُ أغلبُها بالمبادئ الحُمْر، وخلفَ الحدود يمارسُ الغربُ إغواءَاتِه مثل مارلين مونرُو، ويفتحُ في كلّ جدارٍ ثغرَة، ويقول لشعُوب الاتحاد التي تنتظرُ مُعجزة: لن تنعمُوا بشيءٍ اسمهُ الحريّة إلاّ إذا أسقطتم جُدُران الإسمنتِ والوَهم معًا.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب