رواية رقص أفريقي – عصام راسم
كثيرًا ما كانت تلوح على بدن وروح مروان ملامحُ فرائسه التي يصيدُها قبل أن يصيدها. دائمًا تتملَّكه حالةٌ من التقمُّص الشديد، التي كانت تُرعب مَن يتعامل معه. رأى هيئته تتغير ويدخلها ذلك السحر الغامض لحظة أن يدخل في جدالٍ مع فريسة تتمنَّى النَّجاة من قنَّاص ماهر مثله. في تلك اللحظات تتلبَّسه حالة غريبة ويصبح بحجم التلال والجبال والرمل المسترسل كالأبدية. في الرحلات العديدة التي خاضا أخطارها معًا، كثيرًا ما شاهده في ليل الصحراء السريّ التكوين، يتعرَّى ويتجرَّد من ثيابه تمامًا ويُلقي بسلاحه ويرتمي على الأرض ويذهب إلى الكهوف والجبال زاحفًا على بطنه، أو سائرًا على أربع. وكان لون جلده يتغيَّر، فتكسوه بقعٌ أو خطوطٌ، أو ينمو فوقه شعرٌ غريز.
عارف كان يتراجع مُرتجفًا من هول ما يرى، يركض إلى السيارة عائدًا إلى الخيمة البعيدة، المُقامة في السُّكون الرمليِّ السَّحيق، كان في ذلك الوقت المؤقت، يخشاه ويجزع منه، أكثر من خوفه وجزعه من الكائن الوحشيّ الذي انحصر بينهما بعد مُطاردات مُضنية.
بعد كل رحلة صيد طويلة في الصحراء، كان يعزم على هجره وعدم العمل معه بسبب كثافة الخوف والفزع اللذين يفترسانه من فجيعة الغرائب التي يصنعها الرجل في طقوس غامضة مُفاجئة. في آخر رحلة رآه يتعرَّى، ويسقط على الرمال وهو يفح فحيح الثعبان.
وهو يبتعد زاحفًا، شاهده يضم أطرافه إلى جسمه، فتداخل اللحم في اللحم، حتى أصبح الجسم المُمتلئ قليلًا، مَمشوقًا، وبلا أطراف، وله ذيل، آخره رفيع مُدبَّب.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب