رواية زجاج مطحون – إسلام أبو شكير
لا يضيّع الكاتب السوري “إسلام أبو شكير” الكثير من الوقت في روايته الأخيرة “زجاج مطحون”، إذ يبدأ الحدث الكبير منذ الصفحة الأولى، دون أي مقدمات تسبق هذا الحدث أو تعرّفنا بأبطاله. مباشرةً نجد أنفسنا وجهاً لوجه مع أربعة أشخاص محتجزين في مكانٍ مغلق غامض، ومع ذلك فإن جميع وسائل الحياة من طعام وشراب ودواء تتوفر فيه، بل وحتى وسائل الرفاهية من أسرّة نظيفة وخزائن وساعة رقمية… لكنه يفتقد إلى أي نافذة أو باب. لا يدرك الأربعة أي سبب قادهم إلى هذا المكان، ولا كيف وصلوا إليه، ولا من وضعهم فيه. “لم نكن في وضع يسمح لنا بالعثور على تفسير منطقي معقول لما حدث. أتكلم عن نفسي، على الأقل. لكن الاحتمال الأول الذي خطر في ذهني أنه مكانٌ للاحتجاز. معتقل. رهائن. مخطوفون… ليس بوسعي أن أؤكد أو أنفي… لكن الذي أراه وألاحظه يشير إلى شيءٍ قريب من هذا، دون أن يلغي أي احتمالٍ آخر، بالطبع… معتقل، أجدني ميالاً إلى القبول بهذا التفسير. مؤقتاً، ريثما تنجلي الصورة أكثر”. يبدؤون بالتفكير في طريقة لخروجهم ولكن لا طريقة، يخافون الموت اختناقاً، لكن الهواء يتجدد تلقائياً بطريقة غامضة، يخافون الموت جوعاً بعد نفاد الطعام لكن كل ما يأكلونه يتم وضع بديل عنه أثناء الليل. الغرابة لن تتوقف هنا، إذ حين يبدأ هؤلاء بالتعرّف إلى بعضهم، يكتشفون أن كلاً منهم يحمل الاسم نفسه “إسلام أبو شكير”، وحين يدققون النظر يلاحظون أنهم يمتلكون الملامح نفسها، والشيء الوحيد المختلف هو آثار الزمن على كل واحد فيهم، ليدركوا أخيراً أنهم الشخص نفسه في مراحل عمرية مختلفة، فيطلقون على أنفسهم أسماء “العشريني”، “الثلاثيني”، الأربعيني”، “الخمسيني”.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب