رواية سرايا بنت الغول – اميل حبيبي
“كان الظلام يحبو حبوته الأولى، متردداً بين السماء والأرض في ليلة من ليالي أواخر الصيف امتزج ظلامها بضبابها، المثقل بالماء، حتى اختلط الأمر بينهما واختفت الشمس بلا غروب وأصبحت السماء بحراً والبحر سماء ولم تعد العين تميز سطح البحر عمّا هو فوقه من هواء. ضباب ثقيل يخنق الأبصار والأنفاس كأننا عدنا إلى بدء الخليقة وكأن ذلك الدخان من نفس الماء حين تنفس فجعلها سماء واحدة. ويكون أما هذه الظواهر المائية الطبيعية، مبهور النفس والبصر، مؤهلاً لاستقبال مختلف الخواطر غير الطبيعية: عن شيخ كانترفيل ونواح مرتفعات وذرينج، وعن جنّيات كنّ يهبطن عليهم محمولات على قطرات الندى المتساقطة فوق مقاثي البطيخ أو كروم الدوالي في ليالي العطلة الصيفية، يوم كانوا لا ينامون ولا يغفون بل يتغافلون. قال: وعن عرائس أحطن بصخرة فوق الكرمل كنا نجلس في ظلها نتشاطر، سرايا وأنا، تفاحة من “تفاحات الجن” نقف ونرقص مع هؤلاء العرائس دائرين حول الصخرة وخائضين في ماء العين تحتها. وكنا نتراشق ماءها ونتشاطر خريرها ونلف وندور”.
“سرايا بنت الغول” هي رواية جاءت للكاتب إميل حبيبي من وحي أسطورة فلسطينية قديمة، قد تكون شائعة عرياً، عن فتاة محبة لاستطلاع، خطفها الغول في إحدى جولاتها الاستطلاعية اليومية. تبناها وأسكنها قصره المشيد في أعالي جبل. فذهب ابن عمها يبحث عنها في البراري. وكانت مشهورة بجدائل شعرها الطويلة والتي لم يمسها مقص. فكان يناديها، وهو يبحث عنها: “سرايا، يا بنت الغول، دلّي لي شعرك لأطول”! فسمعته: فدلّت له جديلة. فتعلق بها وصعد عليها، فدسّت مخدراً في شراب الغول، فنام لا حراك فيه، فانسلت مع ابن عمها وعادت إلى قريتها. وأما بطل هذه الرواية فقد مضى، في طول الرواية، يبحث عن فتاة كان أحبها في صباه، ثم أشغلته همومه اليومية عنها. فأهملها حتى عادت وظهرت له في شيخوخته. فمن هي “سرايا” هذه، ومن هو “الغول”؟
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب