رواية سر الزعفرانة – بدرية البشر
سر الزعفرانة” آخر إصدارات الكاتبة السعودية بدرية البشر. رواية جمعت بين النزعة الواقعية السحرية والنفس الخرافي تستل الماضي وأثيل قيمه مواريثه الثقافية الحضارية من خواص البيئة السعودية تمـازج الواقع والخيال، تدق أوتاد عالمها المتخيّل على رمال رخوة، متحرّكة لم تنفك ” تتقصد اكتشاف المحتمل والممكن بغية تشريح الهوية المحتجبة للواقع وللكائن فيه” .
رواية الصحراء تجاوب أصداء المدينة (الرياض) إيقاع الرحيل فيها وخبب السرى خطو حثيث إلى البقاء في خدور الخرافة. تخريف النساء للنساء داخل مجالس عفويّة، نضّاحة بفنون التسريد مع التعجيب و التصوير. ضروب من محاكاة “الفن” للفنّ ومن نسج الأخيلة من عقد الحيل وخيوط المكائد و المغازي، تندّد بشرور الجريمة وتلوّح بالعقاب وتثأر للموتى والأبرياء.
خرافة نسائية مستحدثة الشكل والمضمون القصص فيها تتوالد الواحدة من رحم الأخرى وتتناسل الأحداث بواسطة الذاكرة والمخيّلة معاً ، لا فرق فهما صنوان بل قناتان تتبادلان رسم خارطة المكان المكتظ بالأشياء والأحياء وأشباح الموتى والغيلان ففي مجالس النساء بدويات وحضريات يتعارفن يتخاصمن يتحابين يتعاون على شظف العيش ونوائب الدهر يتصدرن غرف البيوت، أو ينشرن في حقول البرسيم وتحت ظلال الكروم و النخيل أو يتبضعن بسلعهنّ في الأسواق.
يخالط رجع حديثهن فوح الزباد والقرنفل والزعفران”، ويمازج أصداء تباريحهنّ دخان” الغارات وقرع الطبول واستغاثات القتلى” فمن ستختار أيها القارئ وسط كلّ هذا الزخم بطلة للرواية وشخصيّة رئيسيّة ؟ من تكون الراوية العليمة بـ”السر وما أخفى”؟ هل هي الأمة المملوكة زعفرانة الأميّة العارفة بفنون التطبّب والتداوي بالأعشاب ؟ أم هي الصبية “نفله” “زهرة الجبل العالية البدوية اليافعة، الطلعة، ابنة قرية “السبعيّة” التائهة، المشردة الباحثة عن معنى الهويّة والقيمة والمعنى؟
يبدو أسلوب الكاتبة أيضا مشوّق بالغ الاشتهاء والصفاء يستدرجك بمهارة وانسياب إلى إماطة برقع التخريف والتعجيب والتسجيل معاً ، فلا تنتهي الحكاية الواقعية العجيبة دون اكتناه السر بالعقل والروح والقلب في مزاج واحد مركب . وكأنها سرها العجيب، “سر الزعفرانة كامن فيك”.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب