رواية صرة المر – عبد السلام صالح
ويطرح صالح في سياق روايته الصادرة حديثا عن دار الفارابي ببيروت بدعم من قبل وزارة الثقافة ، السؤال التالي: “هل يمكن لروائي وقوده التخيل أن يكتب شيئا في واقع يفوق بعظمته وجنونه كل الخيال والأساطير؟” ، وهو السؤال ذاته الذي يحمل جل محمول الرواية على صعيد المضمون ، كما يؤشر السؤال ذاته إلى الفضاء الذي تحرك فيه الروائي على صعيد البناء الفني.
الرواية تشتبك مع تحديات الذات الإنسانية لجيل ما بعد نكسة حزيران على صعيد غياب الرموز بداية وتداعي الخسارات الداخلية والخارجية تاليا إضافة إلى فشل الأنظمة الفكرية تباعا دون أن تقوم على حكاية تقليدية بقدر ما تعتمد على تداعيات مجموعة من الحكايا التي تؤشر جميعها إلى حالة الخراب التي تجتاح الذات الجمعية ، ومحاولة قراءة تلك الذات لخرابها.
يقول عبد السلام في روايته التي جاءت بعد روايتي (المحظية) و(أرواح برية): “صار يشعر أنه لا يمكن لشكل الرواية التقليدي المتين والمتماسك أن يعبر عن كل تشظياته ، عن كل هشاشته ، لا يمكن لكل هذه المتانة والوضوح أن تعبر أو تساهم في التعبير عن كل الحيرة والتيه ، عن ذلك الاغتراب العميق والحاد والموزع على الجميع بالتساوي ، .. ، يشعر أن الرواية تتململ وتحاول أن تخرج لشكل ما ، فصار يحاول..” ، إذن ، نحن أمام محاولات تسعى للخروج عن المألوف والسائد ، لصالح فضاءات تجريبية تحتاج لشيء من (الوصل) حتى نستطيع مواصلة (الترحال) مع الروائي في عوالمه ، وربما لذلك جعل عبد السلام روايته في (اثنا عشر وصلا) لكل منها مقولته العليا الخاصة ، ولكل منها حكايته الصغيرة ، ولكل منها مرجعية واحدة ووحيدة هي ذات الروائي المنفتحة على الذات الجمعية لجيل ما بعد النكسة ذلك الجيل الذي يوسف عبد السلام خيبته تماما حينما يقول: “أنظر حولي.. في الأربعين تماما يتجلى قهر الرجال”.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب