رواية طنين – سيف الإسلام بن سعود بن عبد العزيز آل سعود
“… صبح يوم العيد وفرحة الناس تسمع، تأخر (الفتى) من إسماع والده تحية الصباح-المعتادة-المشفوعة بآمال مهزوزة. لم أسمع يومها جُمل (صبحك الله بالخير يا طويل العمر) التي كان يقولها لي فجر كل يوم، من أيام المسغبة والانتظار الطويل، الباعثة على اليأس والكآبة. كان يعرف، وهو الفطن الكيس، أن القاسم عدوٌّ لا شك فيه، وأن طول العمر مجلبةٌ لمزيد من الآلام والكمد، ما هو هذا اليقين وتلك المعرفة، هي تلك الإشارات الاستحسانية لـ(شايبه). وهو يسمع تحية الصباح والمساء المفخمة منه! يفعل هذا كل صباح، وهو يعرف أنه ابن هذا الزمن المتأزم، وأنه أحد صنائع عهود القلاقل، وإعادة تشكيل الدول والهويات والأفكار… أليس هو كذلك نتاج أزمنة أمم تسقط وأخرى تنهض، وما يتبع ذلك من حروب وغزوٍ، وتكالب على السلطان والثروات؟! ورغم أن صراعات السياسة وانعكاساتها؟ وبزوغ شموس الدول وغروبها في عصره تمثلت فيه شخصياً، ولا مبالغة في هذا، إلا أنه لم يفقد رغبته في إخراجي من جب عذاب استحضار الماضي ووجع وزفرات الحسرة، كلما تمثلت لي وقائع وشخوص سالف الدهر… منذ الأيام الأولى لوصوله رضيعاً إلى مكة في أواخر عام 1259هـ، وامتدادي الراحل، يعايش مرحلياً أطوار المعرفة التي تقول حيناً: بأنه يتيم الأم.. حتى وهذه المنجبة حية ترزق، وتقول حيناً آخر: بأن والده قد نفى نفسه، بعد أن نفته كراسي الحكم ذات المواصفات الخاصة؛ في وسط أطوار تلمس حجم الكارثة التي عايشها (غير المحظوظ) نشأ (مشاري) وهو يجدُ في البحث عن إجابة لسؤال يقول: لماذا وقع لوالده ما وقع؟ للإجابة على هذا السؤال المعقد والصعب والمرهف، كان لي معه أحاديث مسهبة، ونقاشات طويلة، ونقاط التقاء وافتراق فكري كثيرة. ولم يكتف مرهف الحسب بهذا، بل راح يلتقي، وهو المراقب المتتبع، بالحكاويين ممن لديهم علم عن أحداث الماضي البعيد والقريب وبالقادمين من نجد… الشجعان غير المبالغين بتحذيرات أميرهم، من الحديث مع ابن إمام سابق، مغضوب عليه مطارد، لعل عندهم ما يشفي غليل معرفة علم النكبات والرزايا، وفوق جهوده المبعثرة تلك، كان (مشاري) يأخذ نفسه في رحلة قراءة واطلاع، من خلال الكتب المعروضة عند الوراقين وأصحاب المكتبات المكية، على أمل أن يجد في صفحاتها ما يساعده للوصول إلى (أم) الإجابات الصعبة المفقودة؟ كان يحب القراءات التي تتحدث عن آخر أيام (مروان بن محمد) آخر خلفاء بني أمية.. عندما ينتهي (مشاري) من القراءة وطرح الأسئلة أراه متعباً، وقد أضاف على أسئلته (السعودية) أسئلة أخرى (أموية) فيتداخل هذا بذاك!”.
يوظف الكاتب شخصية (مشاري) كعين تجول في التاريخ السياسي للمنطقة السعودية بشكل خاص وللمنطقة العربية بشكل عام. تساؤلات تقضي مضجعه حول شخصيات وحول أحداث ومجريات وقعت ولم يكن لها جواباً. وويلات ترتفع ومملكات تقهر، وشخصيات الروائي تلعب دوراً رمزياً مرتبطاً بواقع سياسي سبب لتلك المنطقة ولأبنائها الآلام والفواجع. يتابع القارئ هذا الطنين الذي لاحق مشاري في مسيرة حياته، وربما انتقل إليه ليصبح هاجساً يؤرقه إلى أن يصل إلى إجابات حول أسئلة قضت مضجعه، ويتنبه القارئ في النهائية ويطرح سؤاله: ترى: ما الرسالة التي يريد الكاتب إيصالها إلى الناس؟! هل هي تدخل في المحرمات السياسية لبلده حتى ساقها في إطار روائي رمزي؟!!
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب
لمناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا