رواية علامة استفهام – هادي هيكل
كان الليل هو صديقي الوحيد الذي كنت أود خسارته بالفعل، ولكن كيف أهرب منه؟ فهو سيظل معي لا محالة.. يأتي الليل بسواده ليذكرني بسوادي.. والمعضلة الحقيقية هي أنَّ آثاره التي تركها لي في المساء لا يكفي ضوء النهار ليمحيها، تظلُّ تاركةً بصمتها بداخلي حتَّى يأتيني من جديد ليعلن عن هيمنته على حياتي ويقول لي:
لن أتركك، سأظل معك للأبد.. أنا البئر المظلمة الذي رمتك الأقدار بي ولا يجوز ردَّ الهدية، ستظل معي إلى أن يأتيني أمر جديد من الحياة بأن أطلق سراحك، وأعدك ستجد هذه البئر التي أنت واقع بها وتعتقد أنه لا يوجد لك مخرج منها غير الموت لن تجد له وجود حولك، كل هذه الحجارة التي تحاوطك ستجدها تتفتَّت وأعلنت عن إطلاق سراحك للحياة مجددًا.
والحق أنني لا أحب – في الغالب – أن أقدّم عملاً أدبيًّا للقارئ لأسباب عديدة، أولها: مظنّة المجاملة والإطراء الزائف التي طالما أُلصقت بمقدمات الأعمال الأدبية، والتي أحاول الآن أن أنفيها عن نفسي، وآخرها: أني أومن بأن العمل الأدبي من شأنه أن يُقدّم نفسه للقارئ دون وسيط، لأن الأدب حريُّ به أن يكون وسيطًا لذاته.
على أنني أتجاوز الآن هذه الاعتبارات بعد أن قرأت هذا العمل الأدبي الجميل، وأرى أن من حق الناشئة الأدبيّة أن تستند إلى من يؤمن بموهبتها الأدبيّة ويزكي عملها عند القارئ، ولا بأس من وضع الأفكار التي يتبناها مُقدّم العمل الأدبي في موضع الاختبار من القارئ دون أن تهيمن عليه، أو تدفعه إلى بناء تصور مبدئي يفرض نفسه فرضًا.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب