رواية على الطريق – جاك كرواك
ها قد رحل دين، فكرت، وقلت بصوت مسموع “سيكون بخير”. وانطلقنا الى الأمسية التي لم تكن لدي أي رغبة فيها وكنت طوال الوقت أفكر بدين وكيف سيقطع بالقطار ثلاثة آلاف ميل على تلك الأرض الرهيبة، ولم يكن قد جاء أصلاً لرؤيتين. إذاً، في أميركا، حين تغيب الشمس، وأجلس على الرصيف المحطم عند النهر ناظراً الى السماوات الممتدة فوق نيوجيرزي، شاعراً بكل تلك الأرض الخام تمضي بلا توقف عند الغرب، وكل تلك الطرق تمضي، وكل الناس يحلمون، وفي أيوا أعرف أن ثمة الآن أطفالاً لا بد أنهم يبكون في الأرض التي يسمح فيها للأطفال بالبكاء، والليلة ستشرق النجوم، ونجمة المساء تلقي شعاعها المتوهج على البراري، قبل هبوط الليل الكامل الذي يبارك الأرض، ويعتم كل الأنهر، ويحجم ذرى الجبال، ويطوي الشطآن، ولا أحد يعرف ماذا سيحدث لأي كان سوى رثاثة وبؤس أن يصير كهلاً، أفكر في دين مورياتي، أفكر حتى في دين مورياتي العجوز، الأب الذي لم نعثر عليه أبداً، أفكر في دين موريارتي.”
ان ما حاول جاك كرواك انجازه في دراسته “على الطريق” هو في تحويله الشخصية “البيت Beat” خصوصاً عبر بطل روايته دين موريارتي التي يتمحور العمل حولها، الى نوع من الأسطورة الجديدة، الى حامل رسالة فقدت، والى بطل جديد من الغرب الأمريكي” مثلما يقول في بداية الرواية، فاتحاً الطريق واسعة أمام جيل جديد من الشباب التواق الى التعبير عن نفسه، الباحث عن هوية مغايرة لما تحاول المؤسسة الرسمية المحافظة، السياسية والإجتماعية والثقافية، ارساءه في أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية وبدايات “الحرب الباردة”. و “بيت Beat” هي لفظة تعني صفة في المحكية الأمريكية اليومية للشخص المتعب، أو الرث، أو المنبوذ، أو الهامشي، وهي صفة لجيل ظهر بعد الحرب العالمية الثانية الذي “يعرّف” فيه جون كللون هولمز “جيل البيت” ويميز بينه وبين “الجيل الضائع” التي أطلقها غرترود شتاين، والتي تدل دلالة واضحة: أنهم الكتاب (الأميركيون، خصوصاً) الذين نشأوا أو كتبوا انطلاقاً من تجربة الحرب العالمية الأولى.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب