رواية فيلة صغيرة في بيت كبير – نور أبو فراج
عشت أعواماً في جغرافيا غنيّةٍ ضمن حيٍّ شعبيٍّ وسط دمشق القديمة. كانت الحكايات هناك تتولّد بعدد الأقدام التي تسير على الطرق المرصوفة، بعدد صيحات الباعة، وشجارات الجيران، بعدد الطّلقات التي تثقب السماء وأغشية القلوب. ما حولي كلّه كان موحياً، منذ انتقلت إلى ذلك البيت العربيّ، واستوليت على أصغر غرفةٍ في الشقّة الواقعة في الطابق الثاني: وهي غرفةٌ صغيرةٌ مستطيلة الشكل، لها شبّاكٌ واحدٌ يُطلّ على باحة أرض الدار.
سرعان ما وضعت تحته طاولةً للكتابة، وستارةً صفراء الّلون، تتحكّم بالضوء الداخل إلى الغرفة، بحيث تصبغ الحيطان والموجودات بلونٍ عكرٍ شتويّ. إمعاناً في الطقسيّة وضعت على حافّة الشبّاك عدداً من التذكارات: حبّات رمّانٍ مجفّفة، نجمة بحريّة، صحناً وقدراً متناهيَيْن في صغرهما، صابونة غار، علبة أعواد كبريت، وفي الختام علّقت على الخشبة التي تتدلّى منها الستارة سبع وردات غاردينيا مجفّفة، ولا حاجة بالطبع إلى القول بأنّ لكلٍّ من تلك المقتنيات حكاية.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب