رواية قيامة الآخرين – إيمان اليوسف
ماذا لو فقدت الظواهر الوجودية الجمعية شكلها، لتصبح فردية تتمحور حول الأنا بتجرد تام؟
تسأل الرواية هذا السؤال الفلسفي عبر بطلتها ميعاد (هي الراوية أيضًا) التي تصاب باضطراب نفسي حاد، ترى من خلاله جميع الوجوه وجهًا واحدًا فقط لإله إغريقي ملتحي.
خلال الرواية تتحدث البطلة (ميعاد) عن تفاصيل أحداث ساقتها إلى المتاهة الاجتماعية شديدة التعقيد التي تواجهها اليوم. لتتكشف لنا أسباب القيامة الفردية التي تعايشها وذلك من خلال تفاعلها وشخصيات مختلفة ذُكرت أسماؤها وأخرى بلا أسماء (هناك سبب فلسفي لعدم ذكر الأسماء).
تمر الرواية على أحداث كثيرة منها أحداث قطر مؤخرًا وغزو الكويت وحرب العراق وإيران، بالإضافة إلى تاريخ منطقة جميرا الإماراتية وجزيرة دلما وتجارة اللؤلؤ قديمًا والغوص.
يجتمع في الرواية الخيال التراثي والفانتازي بالإضافة إلى الأساطير والموروث الديني (من خلال طوفان نوح) وتفاصيل واقعية بحتة اجتماعية وسياسية ونفسية عميقة.
من خلال عمل البطلة (ميعاد) كمصورة فوتوغرافية ومسؤولة عن أرشيف إحدى الجرائد الإماراتية، تنقل الرواية إسقاطات على واقع الإعلام والفن والرياضة وغيرها وعلى قضايا نسوية تصف حال المرأة الخليجية.
تنقسم الرواية إلى ثلاثة فصول، في الأول تبدأ أعراض المرض النفسي بالظهور على ميعاد، الصدمة التي يعيش مراحلها القارئ معها لنرى تأثير ذلك على زوجها وولديها وعملها في الصحيفة. تنتقل الأحداث إلى تنسيق لقاء في الكويت يجمعها بزوجها الذي تقع في حبه من جديد من خلال صوته فقط هذه المرة، بينما يتحدث الفصل الثالث عن حالة من استفحال المرض النفسي والذي نرى تأثيره في كل ما حولها، بالإضافة إلى تكشف اللغز وراء مقتل أخيها، عبر حادثة حصلت في فترة طفولتهم وبقيت تنخر في اللأسرة المكونة من الأبوين والمرحوم والشقيقة الكبرى والأختين التوأم، منيرة وميعاد بطلة العمل.
في أحداث متسارعة من التشويق وبعض الغموض، تفتح الرواية الباب للكثير من الأسئلة الوجودية أهمها دور الآخر مقابل الآنا – فإذا كان سارتر يرى أن الآخر هو الجحيم – فإن الرواية تسأل، ماذا لو كان الجحيم أنا؟ ماذا لو وُجد العالم داخلك كينونة فرد واحد فقط، وكل ما عداه وهم؟ وكيف يكون الطوفان الثاني والقيامة الأولى؟
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب