رواية قيثارة أجاثا كريستي – إبراهيم أحمد
استيقظ عالم الآثار الإنجليزي ماكس مالوان صباحا؛ لم يجد زوجته أجاثا كريستي بجانبه، أو أمام آلتها الكاتبة في زاوية من حجرتهما في الفندق، هرع متلهفاً إلى الشرفة؛ فلم يجدها. قدر إنها سبقته إلى المطعم؛ فقد طال نومه. هي على الأغلب لا تهبط إلى المطعم دون أن يرافقها؛ فيجلسان إلى مائدة الطعام غير متقابلين، بل متجاورين ليتبادلان لقمة أو لقمتين باليد على طريقة العراقيين، فهما قد عاشا بينهم طويلا، وأخذا بعض ما وجداه جميلا من عاداتهم. لكنها حين تقدر أنه سيستيقظ متأخرا، تهرع وحدها لتتجول على شاطئ النهر، ثم تأتي نشيطة تجلس مسرعة إلى الآلة الكاتبة؛ لتدون ما خطر لها من أفكار وحوارات، هي تعتقد أن أهم وأخطر الأفكار، بوليسية كانت، أو فلسفية؛ تهل مع الخيوط الأولى للشمس، وحين يكون الرأس خفيفا لا تثقله معدة ممتلئة. تخشى أن توقظ ماكس تكات حروفها المسرعة؛ فتضرب عليها بهدوء ورقة، مستعملة كعادتها أصابع ثلاثة فقط، أو تحملها إلى منضدة صغيرة في الشرفة، وقد تنزل بها لتجلس في زاوية من المطعم قريباً من شباك كبير تتدفق منه شلالات نور عبر النهر، فتستغرق في الكتابة، لا تتوقف حتى ينقطع سيل أفكارها.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب