رواية لا تخبر أحدا – سارة مطر
لم أكن أريد الاستسلام لماجد، في السابق كنت أعتقد أننا متشابهان على نحو مذهل، وجهان يكمل بعضهما الآخر، حيث بدت بداياتنا دون ماضٍ مؤلم، لكنها كانت بداية جديدة، بعد ذلك أثبت ماجد لي ولنفسه أولًا، بأنه كباقي الرجال، لا يفكر إلا بنفسه، لم يفكر ولو للحظة بأننا جميعًا نولد ونحن نمتلك القدرة على الاحتفاظ بزمن آلامنا، ويظل هذا الزمن معلقًا بنا طيلة حياتنا الباقية، والآن يريد مني أن أستمع إليه، وكنت أنا من يطارده من مكان إلى آخر، كنت أرتجف حين أرى رقم هاتفه يومض على شاشة جوالي، وكنت أشعر بأن علاقتنا لن تنتهي إلا بطريقة انتحارية من فرط ولعي به، إنه لا يفكر إلا بذاته، إنه لا يراني ولم يكن يرى سوى نفسه، والآن استطاع بعد تجربة مريرة من الفراق والاشتياق، أن يأتي بكل بساطة ويطلب مني فرصة واحدة فقط.
كم شعرت بأني وماجد قد جئنا من خلفيتين ثقافيتين مختلفتين، ومن وسط مختلف رغم أننا ننتمي إلى الوطن نفسه، لكني لم أكن أريد أن أهدر طاقتي في الحديث معه، فقد أصبح وجهي شاحبًا وساكنًا، وظللت طيلة الفترة الماضية محاولة أن أبعد هذا الماضي من ذاكرتي، فقد كان عبئًا على قلبي، لم أكن أريد أن أجتر الماضي معه، أن أستمع إلى أي من تبريراته الحامضة، إلى أيّ شيء يمكن لهُ أن يبقى طويلًا في سخف حكاياتي المملة.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب