رواية لا شيء يحدث هنا – وائل ياسين
منذ ثلاثة أيام, كان نعش يمشي على أربعة أكتاف، وراءهم رجل يرفع سبابته للسماء، خمسة رجال ونعش، يشبهون التشبيه في سورة الكهف، دون التوالي العددي، ودون رجم الغيب بالطبع. يعبر النعش شارع السوق العمومي بخفة ودون جلبة، حتى إن الرجل الماشي وراءه يناجي ربه.
وبنفس اللحظة كان رجل شديد الغيرة على زوجته يحدج حامد بنظرات مربكة، بينما يفرد حامد قطعة نوم قصيرة للزوجة الشهية، كثيرة التسبيل والكلام، وبنتان فاتنتان دخلتا الدكان، والسوق يشغي كأنما على أوله بوابة مغلقة بالحديد كانت تحتجز المدينة، وفتحت في هذا الوقت لأول مرة، يمينك يا أستاذ.. بصي قدامك يا أبلة، مولد لم يره السوق من فترة بدت كدهر لتجاره، يطير النعش بين رؤوس رواده بنعومة.
يطير في الزحام, كأي حمل تدفعه أعناق رجال، لدرجة أنه لم يستوقف نظر حامد في حينه. وفى حين كونها لمحة بسيطة، إلا أنها انطبعت بعين حامد كصورة ثابتة، عرضت نفسها على عقله مرات عديدة، بيد أن انشغال عقله حال دون تأملها، ووقت هدأ استدعاها وفصص تفاصيلها، فلما وجد بها نعشًا سأل: نعش من هذا يا أهل الخير؟
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب