رواية لم يحبنا العالم – محمد علي
الحزن سيدوم للأبد، الحياة لم تَعُد تحتمل، ليس هذا ما حاربت لأجله ولا هذه الحياة التي طالما تمنيتها، معاركٌ طويلة وحروبٍ لا تنتهي كنتُ أنا طرفيها وخاسرها الوحيد، ولكن لا يَهُم، أنا أستسلم الآن، هذا الحزن الذي يلاحقني آن الأوان أن ننهي السباق ونعلن فوزه، آن الأوان أن أطلق سراح روحي لتصعد إلى السماء دون خوف، لطالما كان الخوف هو الشيء الثابت في كل المعادلات التي فشلتُ في حلها؛ معادلة الوعود، معادلة الفراق، معادلة اليقين وهذه الأخيرة هي الأصعب بينهم، تمنيتُ دائمًا أن أضح حدًا لتلك الكآبة التي تعتري قلبي وروحي وذلك البؤس الذي استعمر تفكيري ومخيلتي ولكني لم أستطع، كل ما أحببته تفلت من يدي كأن أصابعي لا تقوى على رؤيتي سعيدًا، ربما تُلهيني السعادة عن الكتابة فأنا لا أكتب إلا حينما يعتصرني الألم، ذلك الألم الذي أتقن في صناعتي كحلوى لا تُسمن ولا تُغني من وجع، أجلس الآن متكئًا على أحزاني أنتظر عِناق الموت وأُنهي خلافنا وصراعنا الذي دام لأربعةٍ وعشرين عامًا، أنتظره في غرفتي جالسًا بين أوراقي أتظاهر أني لا أرى شيئًا على الرغم من أنني أستطيع تمييز جدران غُرفتي بسهولة، فعلى الحائط هذا أرى صورةً لطفلٍ صغير يبتسم ابتسامة بلهاء..
يُشبهني بعض الشيء، وصورةً لسيدةٍ تُشبهني في كل شيء عدا عينيّ الحزينتين، وصورةً أخرى لفتاةٍ تبدو كجائزةٍ كُسرت قبل أن استلمها، وبرغم الحزن المنبعث من هذه الصور ومن هذه الغرفة؛ أجلس فيها الآن ضاحكًا كمن يشاهد فيلمًا كوميديًا، حتى كأس الخمر يضحك هو الآخر، أنا لا أؤمن بشيء، لا أعتقد أن هناك ثمة خطة لهذا الكون الفوضوي، ولا أعتقد أيضًا أن هناك فرصةً أخرى لكي نعود لهذا اليابس الملعون، أنا ناقمٌ على الحياة وعلى نفسي، على من تركني ورحل، على دعواتٍ دعوتها وظننت أنها ستُجاب، ناقمٌ على ليالٍ قضيتها في انتظار الغد الأفضل الذي لن يأتي أبدًا، ناقمٌ عليكم يامن تدّعون أنكم الأمة المنشودة، ناقم على كل شيء، وكأسي أيضًا ناقم عليكم.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب