رواية مئة حاسة سرية – آمي تان
أشباح آمي تان في هذه الرواية، ليست سوى حيوات اختزنتها شخوصها في ذاكرتها، واستدعتها من خلال الأحلام، لتتمكن من ربط الماضي والحاضر، وربط المكان في الصين والمكان في أمريكا، من خلال أداة الذاكرة، لم تجعل كوان أختها أوليفيا تؤمن بأشباحها فقط، رغم عدم وجود دليل مادي على هؤلاء الأشباح الذين لم يكونوا سوى شخوص حيوات نسيها التاريخ بعد أن هدمتها الحرب، بل جعلتها تؤمن بقصصهم ورواياتهم ونهاياتهم المأساوية، ماتوا، ولكن ظلوا أحياء في ذاكرة أحبتهم، ماتوا وعادوا كأشباح تسكن الاحلام.
الأهم والذي يمثل هذا العمل، هو ما تقوله الرواية عن أنّ العالم، ليس مكاناً، العالم هو اتساع الروح، وأنّ الموت ليس نهاية المطاف، إن كانت الروح محاطة بالحب، فإنّ الحب هو محور الخلود؛ لأنها ستولد من جديد، في حياة أخرى، باحثة عن حبها.
وفي النهاية تقول، كما أخبرتها أشباحها في الرواية، بأنّ الكلام لا يمكن فهمه وفق معناه المعروف، إنما، وفق ما يشعر به من يقوله، قد ينبثق الأمل من اليأس، والفرح، يتم تقطيره من الحزن.
في الصين، تنظر آمي تان لما دمرته الصورة الثقافية التي أعلن عنها ماو، ثم تعود إلى جذور وثقافة الصينيين، لتسخر بعمق مظهرة المفارقات بين واقع الناس والسلطة. في أمريكا، تظهر أن الواقع ليس سوى سوق يتبع رواده الموضة، وتقصد هنا الشعب نفسه. وفي الوسط، يكمن عالم لبشر تم نسيانهم، حتى صاروا أشباحاً، ذلك أنّ حاضر هذا العصر السريع يبدو كوحش، مقابل البطء الذي تطالبنا الروائية فيه، أن نغمض أعيننا ونمشي في الظلام، لكشف ما هو منسي، لطالما تذكر العالم الوحش، ونسي الإنسان.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب