رواية مسك – إسماعيل فهد إسماعيل
“تاريخ شخصي موغل في الزمن”، و”موغل في الذاكرة”، يستعيده الكاتب خلال سفره إلى أثينا التي شهدت منذ عشرين سنة تحديداً “شهر عسل أوّل ..أخير”، فـ”للحب أوانه..للحزن بالمثل”. بين ذكريات الأمس الغرامية “لما يكون الزمن مفصلاً تبقى تفاصيل لحظاته خبيئة في الذاكرة”، وبين الحاضر الذي يبدأ، وقبل أن يجتاز باب …الطائرة المعدني للوصول إلى المطار، بمضايقات الإجراءات الأمنية التي قد تكون “احترازية مترتبّة عن اشتباه بنشاطات إرهابية محتملة” امتثل لها بأدب، فـ”ضبط الانفعالات أمر واجب، وبعكسه..لا أحد يجزم”.
يغوص الكاتب في مفارقات عديدة تطال مفاهيم الإنسان الغربي المعاصر في تناقضها الظاهر مع الإنسان الشرقي، وفي تأثير خيار الإرهاب على الطرف الذي يقع عليه كما على الطرف الذي يتبناه، وفي نوعية الخيارات المطروحة على الشرقيين في الزمن الحالي، ويطرح في هذا المجال تساؤلات مفتوحة على شكل المستقبل المتوخى.في مطار أثينا، تكتسب الشخصيات حلة نموذجية، ويصبح للتفاصيل بُعداً تحليلياً، وتنبثق من الحوارات حقائق نسبية. فالأميركان مثلاً، يعرفون كيف يتقنون عملهم، إن “معاملتهم لغيرهم تفتقر لأبسط أنواع الاحترام!”، و”تراهم يتشدّقون بادعاءات مراعاة حقوق الإنسان!”.
بين المواقف الراهنة التي تضاهي “مكوّنات مشهديّة لأحد أفلام الرعب..”، والتي تتخلل “رحلة أرضية في المجهول” لا يعرف بطلها إن كان يحق له القول أن “نهايتها مسك”، تتقاطع التداعيات مع الذكريات الخاصة والشخصية، فيستعيد ويعلّق على المراحل التي جمعته بحبيبته وزوجته ومطلقته، فيعود مثلا لسماعها تقول: “أنت حققت ذاتك عبر انشغالك الكلّي بطموحك السياسي وأنا على الهامش من ذلك!”، و “أريد أن أبدأ حياتي من جديد!”. سأل هو و”ليته لم يفعل!!”: “هناك رجل آخر؟!”، إذ “أدرك توّه أنها همشته في داخلها. تضاءل عندها. شيء أشبه بمداراة شعور بالاشمئزاز”.
يطرح الكاتب في هذه الرواية، أسئلة جوهرية عديدة ستصب إجابتها في الغد الذي ليس ببعيد، فأي صورة يريدها العرب لأنفسهم، وأي خيار سيتخذه الإنسان الشرقي: “أن نصنع عالماً جديداً عن طريق قنبلة يدوية يحملها إرهابي”، أو “أن نعيش تحت ظلال السلام الروحي الذي يشكل عالمنا الأسري”، دون أن يدخل في تحديد الوسائل الكفيلة أو المطروحة لتحقيق الشق الثاني من السؤال.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب