الروايات العالمية المترجمة

رواية مقاس الإنسان – ماركو مالفالدي

توقّف الرجل لبرهة قبل أن يدخل. كان من العبث أن ينظر حوله ليحاول أن يعرف ما إذا كان أحد قد تبعه. كان مدخل القلعة في منطقة قديمة من ميلانو، على طول طريق رطب ومظلم لا يمكن بلوغه إلّا من خلال طرق أخرى رطبة ومظلمة أيضاً، لذلك فحتّى لو كان هناك أحد يجري وراءه فلابدّ أن يكون قد ضيّعه منذ فترة، رغم أنّه كان يرتدي ثوباً ورديّاً مبهرجاً.
وإذا قلنا الحقيقة فقد حدث أنّه خشي هو أيضاً أن يضيع. فهو لم يكن قادراً أبداً على معرفة الاتّجاهات بعدما تاه في كبكوبة الأزقّة المحيطة بالقلعة. وكان ذلك بسببه إلى حدّ ما، لأنّه لم يكن يملك أبداً شعوراً قويّاً بالاتّجاهات. وكذلك بسبب تلك المدينة التي تطّورت بشكل سيّئ لا يقوم لا على تصميم ولا على شكل ورؤية. لذلك كان لابدّ من إعادة النظر فيها، بتلك المدينة، من أعلاها إلى أسفلها. لابدّ من تنظيمها بطريقة مختلفة، ملائمة. مختلفة بصورة جذريّة. بطريقة غير معروفة من ذي قبل. كأن تكون مدينة على عدّة مستويات مثلاً. من الأسفل إلى الأعلى، من الماء إلى السماء. مدينة على عكس البيت، حيث يقيم الفقراء في الهواء، والأغنياء على الأرض، كما كان يجري في بيوت أهل روما كما وصفها فيتروفيو. وكان الحقّ مع فرانشيسكو دي جورجو عندما ترجم الكتاب، لأنّه يستحقّ ذلك بالفعل. ويستحقّ الثمن المرتفع الذي اشتراه به، وإذا كان قد كلّفه غالياً، فهو قد ذكّره بكثير من… اهتزّ الرجل ذو الثوب الورديّ بعد أن أدرك أنّه قد تاه – لكن ضمن أفكاره فقط. وكان هذا الأمر يحدث له في كثير من الأحيان، فتكون تلك أفضل الأوقات في يومه. لكنّ تلك لم تكن اللحظة المناسبة للاستغراق في تخيّلاته.
لأنّ الوقت الآن هو وقت عمل. بهدوء، ولكن من دون طمأنينة، قرع الرجل على الباب. سمع مباشرة صوت صرير فهم منه أنّهم في طريقهم لفتح الباب، كما أنّ غُريفةَ المدخل ظهرت كأنّها مضيئة وسط عتمة الشارع. كلمة واحدة فقط. – ادخل. دخل الرجل وترك الظلام وراءه.

تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب

للتحميل اضغط هنا

لمناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا

كتب من نفس القسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى