رواية منازل اللوعة – محمود السامرائي
أصعب لحظات الفقـد هي طريق التعافي، الخروج من المأزق، العبور إلى التعود ثم الرتابة. صحيح أن المـوت يغرس فينا لوعةً هائلة، تنغرس بالمنازل مثل نبوتٍ، ثم تدخل لتصل إلى التفاصيل، الأشياء، الذاكرة، الزمن. هادية وأمُّها عليهما تخطي كل هذا والبدء في رحلةٍ مجهولة، أين فرج؟ لا رجلَ معهما. اثنان حملا على عاتقهما عناء السفر، ولم يأتيا بنتيجةٍ، أيقنت هادية أنها مقبلةٌ على خوض غمار بحرٍ شاقٍّ، تنثال الأفكار، ولا مخرج يلوح.
محمد غاب، وهذه الغيابات أثارت في نفسها يأسًا مريرًا، تمطَّى حتى شعرت أنه تاه في الأرجاء، ثم عاد تفكيرها للرجل، (ثمة أحدهم ينتظر!)، هكذا قالت “تسواهن” زوجة الملا عدنان في زيارتها الأخيرة بعد عودته من بغداد، وكانت تلمح للمختار الذي انقطع عنهم، وهو ما زال يمـوت شوقًا إليها، لم يقطع الأمل، صبورٌ مثل جَملٍ. تنظر إلى أمها فتراها دائمة الفتور. تفكر بالمصاير التي تتراءى غائمة، تتمدد في الفراش وتستدعي النوم.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب