رواية وما زال النرد يدور – سامر النجار
الأحزان لا تُنسى، ولكنّها مع الوقت تصير أكثر قابليّةً للتجاهُل. وكأن ذاكرتنا رفوفٌ معلّقةٌ فوق بعضها البعض على جدران أرواحنا، كل فترةٍ تنزل الأحزان إلى رفٍّ أسفل. وتلك هي حال بطل رواية “وما زال النرد يدور” للكاتب سامر النّجّار الذي جمع في بطله كل ملامح تاريخ سورية المعاصر حيث ينتهي به حلم الثورة الرومانسي إلى تفاصيل جهنمية تجعله يبحث عن مخرج وما يلبث هذا المخرج أن يودي به إلى الغربة، فيقضي حياته باحثاً في غربته عن وطن، أو عن شيءٍ يشبه الوطن، فلا يجده.
في “وما زال النرد يدور” يطرح سامر النّجار سؤال الثورة من داخل النص الروائي ويستجيب لقضية بلاده الموجعة في زمنها التراجيدي، وكأنه يخوض حرباً سياسية ولكن من على جبهة الكتابة، وذلك عندما يواجه صراعات عصره بالقلم؛ فيتحول معه السرد إلى وعيٍ للحظة التاريخية، وإعادة رسم ملامحها في ثنايا النص الروائي. فتحضر الخيبات والانكسارات والهزائم عند كل منعطف، وتبدأ أولى الخيبات بفقدان بطل الرواية “آدم” والديه إثر حادث سيارة وعمره لا يتجاوز الرابعة فيتولى جدّه رعايته، ثم ما يلبث الجدّ أن يتوفى قبل أن يأخذ آدم الثانوية العامة، فيتم طرده من منزل جدّه، بأمر من زوجة عمه خوفاً منه على ابنتيها، فيلتجأ إلى صديق والدّه وجدّه في البداية ومن ثم يستقل بحياته؛ وفي غمرة هذه الأحداث تبدأ الثورة السورية (2011) فيلتحق ومجموعة من الرفاق في الجامعة بها، ومعهم ابنة عمه دارين التي سوف تعتقل وتغتصب وتنتحر ويلاحق الآخرون من قبل عناصر الأمن، منهم من يُعتقل ومنهم من ينجو وكان آدم من بينهم فتمكّن من الهرب وعبور الحدود والانتقال من بلد إلى آخر يدور في حلقةً مفرغةً لا يجدّ فيها سوى ذاكرة حربٍ تؤرقه، وشعوراً بعدم الانتماء إلى أي أرضٍ يحط عليها لينتهي به الحال غريباً في فيينا.
ولكن دائماً وسط الظلام تظل بقعة من ضوء حين سيطرق الحب باب آدم ويفتح له الباب.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب